الإسكان والبعد الإقليمي المفقود!

زاوية: عمرانيات

 

 

 

 

 

سألني أحد الطلاب ذات يوم: لماذا أزمات الإسكان تتفاقم في المدن الكبرى وتكاد تختفي في المدن الصغيرة؟ فأجبته: نحن من نصنع المشكلة ثم نبحث عن حلها!

إن أزمات الإسكان هي في حقيقة الأمر إحدى إشكالات التحضر السريع، أو ما يعرف بزيادة التمركز السكاني في المدن الكبرى على حساب المدن الصغيرة والأرياف.

فعلى المستوى المحلي تجاوزت نسبة السكان الحضر في المملكة العربية السعودية 83% من إجمالي السكان، بعد أن كانت هذه النسبة لا تتجاوز 31% عام 1960 حسب إحصاءات البنك الدولي.

وتشير إحصاءات الهيئة العامة للإحصاء إلى أن معدلات النمو السكاني في المدن الكبرى تزايدت خلال العقود الماضية حيث استحوذت على أكثر من 16 مليون نسمة، وهو ما يعادل نصف سكان المملكة.

ومنذ عام 1970 شهدت المملكة العربية السعودية نمواً عمرانياً هائلاً نتيجة للطفرة الاقتصادية، تنامت معه ظاهرة الهجرة السكانية إلى المدن الكبرى، وتبعاً لذلك تزايد الطلب على الأراضي وتوسعت المدن أفقياً، وترافق ذلك مع ضعف سياسات الإسكان وأنظمة التحكم في التنمية العمرانية نظراً لحداثة تجربة التخطيط والإدارة البلدية.

لقد نشأت أزمات الإسكان في ظل غياب النظرة الشمولية في سياسات التنمية الإقليمية المتوازنة، وأعني بها التوزيع العادل للسكان والموارد بما يتوافق مع الإمكانات الاقتصادية للمدن.

نتيجة لذلك، أصبح المخزون الإسكاني الذي يتوافق مع حدود القدرة الاقتصادية للأسر المتوسطة أو محدودة الدخل دون مستوى الطلب.

وختاماً فإن مؤشرات الأزمة تبدو واضحة جلية عندما يسجل المعروض الإسكاني فائضاً مقابل الطلب في بعض المدن، ولكنه في الوقت ذاته يعجز عن تلبية احتياجات الأسر ذات الخصائص الاقتصادية المتباينة.

 

د. وليد بن سعد الزامل

رئيس وحدة أبحاث الإسكان السعودي بكلية العمارة والتخطيط

Email: waalzamil@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA