دور الجامعة في خدمة الإسكان

زاوية: عمرانيات

مما لا شك فيه أن الأنشطة البحثية بجانبيها النظري والتطبيقي تفتح آفاقنا لمعرفة الجديد، وتدفع بمعارفنا وخبراتنا إلى الأمام، فهي الأسلوب الأمثل لمعالجة المشاكل القائمة وتجنب المشاكل المتوقعة.

فإجراء الدراسات البحثية التطبيقية والتطويرية، على سبيل المثال، لمختلف الجوانب العمرانية والمعمارية للمساكن وللأحياء والمجمعات السكنية، وكذلك للأنظمة الهندسية التي تعمل على توفير مساكن ذات عمر افتراضي أطول وتكاليف صيانة وتشغيل أقل، وكذلك التي تُعنى بتطوير تقنيات إنشاء من المواد المتوفرة محلياً وجعلها أقل تكلفة وأكثر متانة وأسرع في أعمال التنفيذ، بالإضافة إلى إعداد الدراسات الاجتماعية لتحديد المتطلبات الوظيفية للأسر في مساكنها وأحيائها بحسب المتغيرات الاجتماعية، والدراسات الاقتصادية لتحديد مقدرة الأسر للإنفاق على المسكن، والدراسات الديموغرافية لتحديد توزيع الكثافات السكانية ومناطق وجودها، والدراسات البيئية بحسب التوزيع الجغرافي للمناطق والمدن، وغيرها من الدراسات البحثية؛ يعد من العوامل التي تساهم في توفير إسكان ميسر ومستدام.

كما أن مثل هذه الدراسات سيكون السبيل الوحيد لإحداث نقلة نوعية تنسجم مع تطلعات رؤية المملكة «2030» لقطاع الإسكان.

لذا فإن المرحلة المقبلة تستدعي إحداث تطوير إسكاني على أسس سليمة قائمة على البحث العملي بأدواته المختلفة، ويتطلب ذلك إيجاد مركز وطني لبحوث الإسكان يساهم في إنجاز الأبحاث والدراسات التطويرية في مجال الإسكان وتخصصاته البينية، ويعمل على تطوير المقترحات وتحويلها إلى برامج عملية قابلة للتطبيق على أرض الواقع.

وليس أفضل من جامعة الملك سعود لاحتضان هذا المركز والقيام بهذا الدور الوطني، بخبرتها التي تزيد على الستة عقود، واحتوائها على عشرات الأقسام العلمية في جميع تخصصات الإسكان البينية والمساندة، العمرانية منها والهندسية والاجتماعية والجغرافية والديموغرافية والاقتصادية.

إن توظيف القدرات العلمية والبحثية لأعضاء هيئة التدريس وطلاب الدراسات العليا في جامعة الملك سعود، والاستفادة من تجهيزات المعامل ومراكز البحوث المتوفرة في الجامعة لإجراء الدراسات والأبحاث التطويرية والتطبيقية في مجال الإسكان، يعد ضرورة ملحة لتقديم منتجات وبرامج تعمل على تمكين السوق من توفير إسكان ميسر يراعي متطلبات المجتمع، واحتياجات الأسر، ويتوافق مع قدراتها المالية، وكذلك تقديم إسكان مستدام ينسجم مع البيئة المحيطة، ويعمل على تحسين مستوى جودة حياة السكان في الأحياء والمساكن، واستحداث تقنيات بناء جديدة تسرع عملية التنفيذ وتخفض تكلفته، وتطيل العمر الافتراضي للمساكن، ولا تتطلب جهداً كبيراً للعناية بها وتشغيلها وصيانتها، وتحد من استهلاك المياه والكهرباء. 

وفي الختام، إن قيام الجامعة بهذا الدور سيقدم نموذجاً عملياً لمنظومة التكامل بين الجامعة والمجتمع، ودورها في خدمة قضاياه الأساسية.

 

أ. د. علي بن سالم باهمام

أستاذ العمارة والإسكان

كلية العمارة والتخطيط

alibahammam@yahoo.com

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA