تعد قراءة القرآن عبادة من العبادات وأفضل الذكر، وبتكرار قراءة القرآن بوعي وبصيرة فإن الإنسان سوف يدخل إلى محراب التفكر والتدبر والتأمل، والتأمل طريقة من طرق العلاج غير الدوائية الفعالة يؤدى إلى الهدوء والسكينة.
تشير الدراسات إلى أن التأمل يزيد من أفيونات ومهدئات المخ التي تهدئ من روع الإنسان، وهذه المواد تساعد على التخلص من التوتر والحزن والقلق، فبالتأمل يحافظ الإنسان على توازن المهدئات والأفيونات في جسم الإنسان.
كما يساعد التأمل على تحسن عملية التنفس وإفراز هرمونات مفيدة كالأنسولين والأدرينالين وغيرها، وبذلك يعود التأمل بالفائدة على روح الإنسان وجسده.
وقراءة القرآن أفضل أنواع التأمل والتفكر في خلق السماوات والأرض وتحرير العقل والقلب من الضغوطات المسيطرة عليهما، وكل ذلك يعمل على تغذية وتجديد خلايا الجسم وحفظ توازن كيمياء الجسم والتخلص من الأفكار السلبية وزيادة الأفكار الإيجابية، وذلك يساعد على الشفاء من الكثير من الأمراض.
كما أن تدبر القرآن يمنح المسلم راحة نفسية واطمئناناً في القلب، فالقرآن هو الشفاء لأمراض القلب ، قال الله «يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ». وقال «وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ، وَاعْبُدْ رَبَّكَ حتى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ». وقال «الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّه، أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ».
وبذلك تكون تلاوة القران ضرورة لطمأنينة القلب، وقد أشارت دراسات عديدة وكذلك خبراء التنمية البشرية أن الهدوء والطمأنينة هما أساس النجاح والتميز، فالهدوء والطمأنينة يحفزان الجهاز العصبي لإفراز «الأندروفين» المهدئ الطبيعي الذي يحدث أثرًا إيجابيًا على الصحة العامة.
والمسلم إذا هجر القرآن وانقطع عن تلاوته وتدبره فسوف تكون حياته ضنكًا ويصاب بالاكتئاب الذي قد يؤدي إلى الموت. يقول أحد السلف: «يغنيك عن الدنيا مصحف شريف، وبيت لطيف، ومتاع خفيف، وكوب ماء ورغيف، وثوب نظيف».
وقال آخر: «الدواء في صيدلية الأذكار، والعزلة مملكة الأفكار، فإذا أصبحت طائعاً لربك، وغناك في قلبك، آمناً في سربك، فقد حصلت على السعادة وبلغت السيادة، واعلم أن الدنيا خداعة، لا تساوي هم ساعة، فاجعلها لربك سعياً وطاعة.
وقال ثالث: «أتحزن لدنيا فانية ونسيت الجنات الدانية، أتحزن والله ربك، أتخاف والله حسبك، الحزن يذهب بسجدة، والبهجة تأتي بدعوة».
وقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على تلاوة القرآن الكريم ودلنا على عظيم أجره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ: «الم» حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ». وبذلك يتحقق لقارئ القرآن الحسنيين: العافية في الدنيا والثواب في الآخرة.
أ. د. جمال الدين إبراهيم هريسه
كلية الصيدلة
إضافة تعليق جديد