مكتبة الملك سلمان ومراحل التحول

 

 

تختزل الأمثال الشعبية تجارب يمكن تعميمها على المواقف التي تشابهها، ومن أمثالنا الشعبية المتداولة ويجري تنزيلها في كثير من المواقف «أعطِ الخباز خبزه ولو أكل نصفه»، وكما يجري تنزيله على المواقف الفردية يمكن تطبيقه على كافة إداراتنا ومؤسساتنا وخصوصاً في بيئتنا الجامعية، خلاصته «الرجل المناسب في المكان المناسب».

تعد مكتبة الملك سلمان المركزية بجامعة الملك سعود مؤسسة معرفية عريقة تحمل رؤية ورسالة وأهدافًا سامية، تعاقَب على إدارتها عمداء كُثر، منذ تأسيسها، وقد أدى كل منهم الدور المنوط به في حدود إمكانيته وخبراته وحسب قرب تخصصه أو بعده من طبيعة الخدمات التي تقدمها المكتبة، ونتيجة لذلك شهدت المكتبة محطات من التطوير والصعود في بعض المراحل، وفي مراحل أخرى شهدت تراجعاً وهبوطاً.

من المحطات الجميلة العالقة في الذاكرة تجاه هذه المكتبة العريقة أن معرض الرياض الدولي للكتاب كان يُقام في رحاب بهو الجامعة، وكانت إدارة مكتبة الملك سلمان المركزية عضواً في اللجنة المنظمة لتلك المعارض، قبل انتقالها إلى وزارة التعليم العالي ثم وزارة الثقافة والإعلام ثم وزارة الثقافة حالياً، فتلك مرحلة صعود بلا شك.

في مرحلة لاحقة تغير مسمى المكتبة المركزية إلى مكتبة الأمير سلمان المركزية «أمير الرياض ذلك الوقت - خادم الحرمين الشريفين حفظة الله حالياً» فقام بزيارتها والتجول في أقسامها والاطلاع على أنشطتها ومصادرها، وشكل هذا مرحلة صعود أخرى.

من المحطات الجميلة ونقاط التحول والتطوير أن المكتبة شاركت في كثير من معارض الكُتب المحلية والدولية، فكانت خير ممثل للجامعة، ومن المعلوم أن الجامعات تُعرف بأبحاثها ومصادر معلوماتها وقوتها الأكاديمية من خلال مكتباتها.

ما أشير إليه هنا هو أن تغيير الإدارة إما أن يسهم في تقدم المؤسسة، وإما أن يجعلها  تتوقف وتراوح مكانها وتفقد بريقها، وإما أن تتراجع وتغيب عن أداء الدور المنتظر، وهذا قد يشكل ما يمكن تسميته بمرحلة تراجع، ولا يحدث هذا إلا حين يسند الأمر إلى غير أهله.

إن إدارة المكتبات لا يشترط فيه طبقًا للمعايير العلمية أن يكون أكاديمياً، بل يجب أن يكون مديراً ثابتاً، ويظهر في هيكل المكتبة غياب منصب مدير المكتبة، فلا يوجد لهذه العمادة العريقة ما يُعرف بـ«مدير المكتبة» بحيث يكون شخصاً متخصصاً ومن ذوي الخبرة ولديه صلاحية كاملة تفوق صلاحية العميد الذي قد لا يكون متخصصاً.

إسناد إدارة المكتبة لغير المتخصصين مع احترامنا الكامل لكل التخصصات هي مرحلة هبوط، وإعطاء الصلاحيات الكاملة لغير المتخصص من نقل إدارات أو إغلاق فروع أو تعيين غير الكفاءات في إدارات وأقسام المكتبة المختلفة، والتفرد باتخاذ القرارات، والتدخل في مكتبات الطالبات، ونقل العاملين فيها إلى مكتبات الطلاب من غير أخذ موافقتهن، وعدم مراعاة خصوصيتهن، فتلك مرحلة هبوط أخرى.

تسرب الإحباط بين العاملين في المكتبة بعدما كانوا شعلة من النشاط والحماس، وعدم حل المشكلات الداخلية إلا عن طريق الإدارة العليا دليل على وجود خلل في إدارة المكتبة، وذلك ينعكس سلباً على خدمات المستفيدين والباحثين فتلك مرحلة هبوط.

إن هذه السطور لم تسلط الضوء على مرحلة محددة أو شخصية معينة، بل هي عامة دافعها الرغبة في استمرار عجلة التطوير في المكتبة، والحرص على الارتقاء بها، وجاء نابعًا من مطالعة إدارة المكتبات العالمية والاطلاع على سيرهم الذاتية وتخصصاتهم. 

إن لم يخدم أهل الاختصاص هذا الصرح المعرفي ويبادروا في قبول تولي إدارته، فماذا سيقدمون للمعرفة، إن في مثل هذه المبادرة تحقق نفعاً متعدياً وتسهم في خدمة وطننا في ظل قيادتنا الحكيمة، بقيادة ملكنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين أيدهما الله.

 

ماجد الشهري

عمادة شؤون المكتبات

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA