إن رصد التطورات الحادثة في المكتبة الأكاديمية الغربية من شأنه أن يكشف للمكتبات الأكاديمية في الدول العربية بوجه عام، والسعودية على وجه الخصوص، ما ينتظر أن تواجهه من عقبات، عندما تصل مكتباتها الأكاديمية إلى نفس مرحلة النمو التي وصلت إليها في العالم الغربي، بحيث يمكن اعتبار أنها تكشف الصورة المستقبلية للمكتبات الأكاديمية الوطنية، وتعرف المكتبيين فيها بالقضايا المثارة بشأن بناء المجموعات الرقمية في المكتبة الأكاديمية.
لقد قامت أغلب المكتبات الأكاديمية الغربية بتطوير كبير في مجموعاتها الرقمية، ومن ثم قفزت قضايا جديدة إلى بؤرة الاهتمام، فظهر أن الناشر هو صاحب السلطة الأعلى في الوصول إلى المصادر الرقمية أو إدارتها.
حتى في حال شرائها بقصد التملك، فإنه يظل هناك دائمًا خطر فقدان الوصول إلى تلك المصادر الرقمية التي تم شراؤها، وذلك حين يتخلى الموزع أو الناشر عن المجموعة الرقمية التي يتولى تسويقها وبيعها لأي سبب من الأسباب، أو حين يعلن له أن يغير شروط الإتاحة.
لذا، فلا توجد حلول دائمة للحفاظ على هذه المصادر طالما ظلت موجودة على المنصات الحاسوبية للموزعين، وهو ما يمثل عقبة تواجهها المكتبات الأكاديمية عند تعاملها مع المجموعات الرقمية.
لذلك، فلتقليل المخاطر ولزيادة الاستفادة من المصادر الرقمية، فإن المكتبات الأكاديمية تتبنى البدائل التي تقلل من تكلفة بناء المجموعات الرقمية أو إتاحتها، مثل الشراء الجماعي للمصادر الرقمية أو شراء رخص استخدامها من خلال كونسورتيوم يضم عدة مكتبات، أو زيادة الاستفادة من الدوريات الإلكترونية المتاحة في إطار مفهوم الوصول الحر، وكذا من المصادر الرقمية المتاحة على مواقع الإنترنت.
وتعتبر الدوريات الإلكترونية أو الرقمية، حسب ماذكر سوامي في دراسته «SWAMY،2014»، هي الأكثر استخدامًا بواسطة الأكاديميين والباحثين على مستوى العالم، وذلك لأسباب متعددة تتراوح بين حداثة المعلومات وسهولة الاستخدام ووجود مصادر جاهزة للمعلومات، ودقة المعلومات، وغير ذلك، لذا يزداد الإنفاق السنوي المخصص للدوريات الإلكترونية دوريًا على حساب الدوريات المطبوعة التي يتقلص الإنفاق عليها عامًا بعد عام.
كما أن الكتب الرقمية تحظى باهتمام المكتبات الأكاديمية بصورة مطردة، فتبين الدراسات أن عدد ما يضاف من الكتب الرقمية في هذه المكتبات يزداد باستمرار حتى صار يتفوق على ما يتم إضافته من الكتب المطبوعة.
وتصدر هذه الكتب الرقمية بحيث تستخدم مع أجهزة قارئة أو برمجيات قارئة خاصة بها، ومن ثم فهي تحتاج إلى منهجية خاصة لفهرستها، وخصوصًا للمصادر التي ولدت رقمية دون أن يوجد لها نسخة مطبوعة، حيث ينبغي على المورد حينئذ توفير ملف إلكتروني يتضمن المعلومات الببليوغرافية التي سيتم إدخالها في فهرس المكتبة على الإنترنت OPAC وتقوم المكتبة بتحديد نوعية هذه المعلومات، وصيغة الملف الذي يتضمنها.
كما تحتاج أدوات البحث والاسترجاع التي يستخدمها المستفيدون في موقع المكتبة إلى تهيئة خاصة كما تذكر ذلك جمعية «IFLA» لكي تعمل مع تلك الأجهزة والبرمجيات القارئة، بحيث تتكامل مع نظام إدارة المكتبة ومع موقعها على الإنترنت.
وينبغي الإشارة إلى أن هذه الكتب الإلكترونية تتضمن محتوى باللغة الإنجليزية، لذا، فإنها ستكون – في غالب الأمر - محل اهتمام الباحثين والطلاب الذين يرغبون في الوصول إلى الكتب المنشورة باللغة الإنجليزية، ولكنها ستكون بلا فائدة تذكر لطلاب التخصصات العربية، الذين يبحثون عن مصادر رقمية باللغة العربية.
أ. د جبريل بن حسن العريشي
أستاذ علم المعلومات
إضافة تعليق جديد