يتطب التعليم الجامعي أن تحرص مؤسساته على تهيئة المناخ المناسب لتنمية الطلاب تنمية متكاملة متوازنة، من خلال تقديم مجموعة من الخدمات التي تعينهم على التحصيل الدراسى وتساعدهم على مواجهة ظروفهم الأسرية والاجتماعية الخاصة، بما يمكنهم من أن يحيوا حياة ممتعة يسودها الهدوء والاستقرار النفسي.
فالخدمات التى تقدم للطلاب تشكل جزءاً أساسياً من مخططات أي نظام تعليمي حديث، ولذلك لم تعد المشكلات التي تشغل أذهان المربين وواضعي السياسات التعليمية، قاصرة على تلك التي تتعلق بنظم التعليم وبرامجه، وطرق التدريس وما إليها، بل إن النواحي التي ترتبط بتهيئة الظروف الاجتماعية الملائمة للتعليم والتعلم كالخدمات الطلابية، تكاد تنال نفس القدر من الاهتمام، ومن أجل ذلك أصبحت الخدمات الطلابية في الوقت الراهن أحد المعايير الأساسية للحكم على تقدم أو تخلف النظام التعليمي.
ورعاية الطلاب من خلال توفير الظروف التي تيسر لهم حياتهم التربوية والمعيشية لا تبدأ من فراغ، وإنما بالتصدي للمشكلات التي تواجههم وتقلل من شعورهم بالاغتراب خاصة عند الانتقال المفاجئ من مرحلة التعليم الثانوي إلى التعليم الجامعى، لذلك تحرص كل جامعة على توفير العديد من الخدمات لطلابها من بينها الإسكان الجامعي، والتغذية والمكتبات، وخدمات الرعاية الصحية الوقائية والعلاجية، إضافة إلى المساعدات المادية والعينية لمن لا تمكنهم ظروفهم الأسرية من الاستمرار فى الدراسة.
ويتوقف الجهد المبذول في رعاية الطلاب بالجامعة، على الفلسفة التي تحكم التعليم في تلك الجامعة والهدف منه، فإذا كانت تلك الفلسفة تعنى بتزويد الطلاب ببعض الخبرات والمعلومات النظرية، والمهارات التي تفيدهم في حياتهم العملية، كان التركيز في هذه الحالة على العمل داخل قاعات الدروس والمحاضرات، أما إذا اتسعت فلسفة التعليم الجامعى لتشمل تنمية الفرد تنمية شاملة متكاملة ومتوازنة، فإن التركيز لا يكون على قاعات المحاضرات فقط، بل تتنوع أساليب الرعاية داخل الحرم الجامعى وخارجه، بما يساعد على الوصول إلى هذه التنمية.
وانطلاقاً من أهمية الخدمات الطلابية ودورها في تحقيق الأهداف التربوية بصفة عامة وأهداف التعليم الجامعى خاصة، ومن أهمية وضرورة التعرف على آراء المستفيدين من تلك الخدمات وهم الطلبة، إضافة إلى ما توصلت إليه الدراسات من تباين في الآراء حول ما يقدم للطلبة من خدمات، فالمسؤولون يؤكدون أن الجامعة تقدم العديد من الخدمات وبصورة كافية، في حين يطالب أولياء الأمور والطلبة بالمزيد ويؤكدون أن ما هو متاح يقل كثيراً عما يطمحون إليه، الأمر الذي يتطلب ويبرر إجراء دراسة تتعلق بمحاولة التعرف على آراء الطلبة حول ما يقدم إليهم من خدمات، ومدى حرص الجامعة على تقديم هذه الخدمات، بما يمكن أن يسهم في تطوير هذه الخدمات، وتوعية الطلبة بها، وبكيفية الاسـتفادة منها.
مشعل بن سيف الشهراني
معلم وباحث في الإدارة التربوية
جامعة سطام بن عبدالعزيز بالخرج
إضافة تعليق جديد