القلب من الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان، يضخ الدم لجميع أعضاء الجسم، ليمدها بالأوكسجين والغذاء لإنتاج الطاقة اللازمة للقيام بالوظائف الحيوية، لذا فإن أي مرض بالقلب يهدد حياة الإنسان.
ويرتبط القلب بمدلوله المعنوي بالروح والعواطف، ويصاب بأمراض الكبر والغل والحسد والحقد والبغضاء، وغيرها من الأمراض النفسية التي قد تؤدي إلى أمراض عضوية, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب».
فإذا صلح القلب صلح الإنسان روحًا وجسدًا، ويعد الهدوء والاطمئنان من محفزات الجهاز العصبي لإفراز «الأندروفين» المهدئ الطبيعي الذى يحدث أثرًا إيجابيًا على القلب والشرايين.
قال الله تعالى: }الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّه، أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ{. أيضًا المحافظة على الصلوات والأذكار في أوقاتها يساعد على الحفاظ على إيقاع السعة البيولوجية بالشكل الصحيح، وهذا يقي من أمراض القلب.
في المقابل، فإن كثرة اللهو والكلام والمنام والغضب والقلق والخوف والحزن، من محفزات إفراز «الأدرينالين» و«الكورتيزون» وغيرها من الهرمونات ذات الأثر السلبى على الأوعية الدموية والقلب.
صور خلل القلب كثيرة، منها عدم القدرة على الوقوف لدقائق للصلاة والقدرة على الوقوف ساعات طويلة لأداء عمل ما أو انتظار وجبة أو مشروب، ومنها حب السهر حد الإرهاق على أتفه الأمور والإعراض عن قيام الليل، أو الستغفار في الأسحار.
عندما أحرص على إيقاظ أبنائي للمدرسة مبكراً طوال مسيرتهم الدراسية وأفشل في إيقاظهم لصلاة الفجر بل وقد أفشل في إيقاظ نفسي، فهذا من صور خلل القلب، والمشكلة ليس أني لا أستطيع الاستيقاظ مبكراً بل إن قلبي لا يستطيع أن يصحو لله ولكنه يصحو لأمور الدنيا، عندئذ يكون الخلل ليس بجسدي ولكن بقلبي.
حينما أحفظ دروسي جيداً وأذهب للاختبار لأنجح وأنسى أني في طريقي للاختبار قد أموت وأختبر مادّة أخرى قصرت بها طوال حياتي وقد ولدت لأجلها، ألا وهي طاعة الله، فالخلل ليس بجسدي ولكنه بقلبي.
حينما أجد وقتاً للاستحمام والأكل والعمل والدراسة والتحدث والضحك، ولا أجد وقتاً لأداء الطاعات، فالعلة ليست في جدولي أو توقيتي ولكن قلبي لا يمتلك وقتاً ليفكر بالطاعات، والخلل ليس بجسدي ولكنه بقلبي.
المشكلة بالنهاية ليست أننا لا نستطيع فنحن مكلفون بما نستطيع لكن قلوبنا لا تستطيع لأن التعلق الزائد بالحياة قد أفسدها. }بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خيرٌ وأبقى{.
أ. د. جمال الدين إبراهيم هريسة
كلية الصيدلة
إضافة تعليق جديد