يعد الاعتدال في الخوف رأس الحكمة خاصة الخوف من الله، والمؤمن لا يخشى إلا الله، ويعد الخوف الشديد من أي شيء هو الشيء نفسه، فالخوف من الفشل هو الفشل، والخوف من الموت هو الموت بعينه، والخوف من المرض مرض، والخوف من الفقر فقر، وهكذا.
والخوف وليد الجهل فإن من يجهل الشيء يخافه، ويعرف خوف الإنسان الشديد من الشيء بـ«الفوبيا» أو «الرُّهاب» الذي يؤثر سلباً على حياة الإنسان وتحقيق أهدافه، حيث إن الخوف من الإخفاق يجعل الحلم مستحيلاً.
وتوجد أنواع مختلفة من الفوبيا مثل «الفوبيا الاجتماعية»، وهي خوف مبالغ فيه عند مواجهة أشخاص آخرين، وهناك أنواع أخرى تسمى بالفوبيا المحددة مثل فوبيا الحيوانات والحشرات والهامات وقيادة السيارات والمرتفعات والأنفاق والجسور والعواصف والطيران والدم والظلام والماء والاختبارات وغيرها من الأشياء.
وأسباب الفوبيا كثيرة منها الوراثية والبيئية وإصابات الدماغ وتعاطي المخدرات، مما ينتج عن اختلال توازن النواقل العصبية «الأدرينالين والدوبامين والسيروتونين»، ويوجد ارتباط للسيروتونين خاصة باضطرابات القلق والوسواس القهري والفوبيا ونوبات الهلع، كما يلعب السيروتونين دورًا مهمًا في التحكم بالشهية والهضم وصحة العظام والجنس والنوم والسعادة وغيرها من وظائف الجسم.
بينما تمثل زيادة إفراز السيروتونين خطراً كبيراً «متلازمة السيروتونين» ينتج عنه زيادة النبض والتنفس وارتفاع ضغط الدم والتعرق والبرودة وجفاف الفم وعدم الإدراك والهلوسة والإحساس بالموت، وهى نفس أعراض نوبات الهلع، والتي تتداخل مع أعراض انخفاض السكر والغدة الدرقية وأمراض القلب.
ورغم التقدم الكبير في المجال الطبي إلا أنه لا يوجد تحليل مخبري لتشخيص الفوبيا حتى الآن، ويعتمد تشخيص الحالة على الأعراض والاضطرابات النفسية للمريض، وتشير الدراسات إلى أن الفوبيا من عوامل خطر الإصابة بالأمراض القلبية وارتفاع الكولسترول وارتفاع ضغط الدم والاكتئاب والانتحار وتعاطي الكحول والتبغ والمواد المخدرة، وهذا ينتج عنه المزيد من الاضطرابات البيولوجية التي تؤثر على جودة الحياة وأداء العمل والتحصيل الدراسي.
تعد «فوبيا الاختبارات» عاملاً مؤثراً على النجاح والتفوق، ويسهل علاجها بمجرد معرفة أسبابها، ويتمثل العلاج بشكل عام بالنوم بشكل جيد حوالي ثماني ساعات يوميًا والاهتمام بالتغذية الصحية وتناول الفاكهة والخضروات وممارسة الرياضة.
ويمكن للوالدين لعب دور حيوي من خلال إظهار قدرات الأبناء والتشجيع المستمر، أيضًا التحلي بالثقة بالنفس والصبر على الدراسة وتجنب الكسل والمغريات الحياتية. كما أن التوكل على الله والاستغفار والدعاء والشكر، والاستعداد مبكرًا للاختبارات والإدارة الجيدة للذات والوقت والضغوط والخلافات والإخفاق والتغيير والحد من القلق والتوتر والحضور مبكرًا من عوامل التغلب على فوبيا الاختبارات.
كما يعد التعرض لضوء الشمس وتناول الكربوهيدرات من العوامل التي تحفز إطلاق هرمون السيروتونين وعلاج الفوبيا. كما ينصح بمراقبة صحة القولون وتناول الأطعمة التي تحتوي على التريبتوفان لارتباطه بتكوين السيروتونين، وتشمل هذه الأطعمة البيض والمكسرات والحبوب ولحم الديك الرومي والدواجن والأجبان وبعض الطحالب البحرية، كما ينصح بتناول الفيتامينات «ب المركب» والمعادن وزهرة البابونج والليمون وإكليل الجبل وعشبة الخزامى وجوزة الطيب عشبة الشمر واللوز من محفزات إفراز السيروتونين.
وتستخدم المعالجة السلوكية والتحسس والعلاج بالتعرض والعلاج السلوكي المعرفي في علاج الفوبيا ونوبات الهلع، وقد يصف الطبيب بعض الأدوية فقد ثبت فاعلية مثبطات استرداد السيروتونين وحاصرات البيتا وبعض المهدئات في علاج الفوبيا ونوبات الهلع.
وتعد الرقية الشرعية وأداء الصلوات والصدقة وغيرها من العبادات بخشوع وطمأنينة والتأمل والتفاؤل والأفكار الإيجابية والسعادة والرضا وعلو الهمة؛ من مسببات اتزان إفراز السيروتونين.
قال الله تعالى }إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ{. كذلك الخوف من الله، فمن خاف اللَّه أخاف منه كل شيء، عجبت لمن خاف ولم يفزع إلى قوله تعالى }حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ{.
أ. د. جمال الدين إبراهيم هريسه
كلية الصيدلة
إضافة تعليق جديد