من المعروف أن التقييم باستخدام الدرجات متعددة الفواصل «مثل A وB وC وD» هو من أدوات تحسين عملية التعلم، ذلك أن له وظيفة مزدوجة، تتمثل في تعريف الطالب بمستوى أدائه، وفي نفس الوقت قياس هذا الأداء من منظور القائم بالتدريس.
وثمة من يرى أن التجارب الوجدانية للطلاب - التي يواجهونها في عمليات التقييم- تساعد على تحسين نتائج التعلم، فمن المعروف أن العواطف أو المشاعر هي من المحددات المهمة للأداء التعليمي للطلاب والذي يقاس من خلال وسائل التقييم.
فالمشاعر الإيجابية، مثل مشاعر النجاح، هي من محفزات التعلم بما تمنحه من إحساس بالمهارة يدفع إلى رفع مستوى الأداء، فالطلاب الذين لديهم تجارب تقييمية إيجابية يزداد توجههم نحو التعمق فيما يدرسونه ويحصلون على درجات أعلى عند التقييم.
غير أن هذه الرؤية لم تعد أمرًا مسلمًا به، فهناك العديد من الأبحاث الحديثة تشير إلى أن طرق التقييم المستخدمة في الجامعات يمكن أن يكون لها آثار ضارة على عملية التعلم، فالانزعاج والإحباط وخيبة الأمل؛ مشاعر تنتاب الطلاب في كثير من الأحيان نتيجة لممارسات التقييم، ويكون لها تأثير سلبي على قدرتهم على التعلم بسبب آثارها السلبية على المعالجة الإدراكية التي تنعكس على القدرة على الانتباه والقدرة على تذكر أو استرجاع المعلومات.
كما قد تؤدي طرق التقييم إلى وجود ظاهرة الغش، وإلى إضعاف سبل التعلم التعاوني والتفكير النقدي والتحفيز الأكاديمي المستقل، بالإضافة إلى ما تسببه من تقليل مشاعر الثقة بين المعلمين والطلاب.
وثمة من يعتبر أن التقييم في حد ذاته، وليس طرق التقييم، هو أحد الأسباب الرئيسية للتوتر والقلق بين الطلاب، فنظرًا لتزايد تنافسية مؤسسات التعليم العالي، فإن الطلاب يتعرضون لمزيد من الضغوط للحصول على درجات أعلى، وهو ما قد يزيد من مستويات التوتر لديهم عند إجراء عملية التقييم؛ فالعلامات والدرجات التي يحصلون عليها تستخدمها هذه المؤسسات لاتخاذ القرارات المتعلقة بالمنح الدراسية، وبنجاح الطالب أو رسوبه أو انتقاله إلى المستوى التالي من الدراسة.
ومع ذلك، فليست كل المشاعر الإيجابية «مفيدة» للتعلم، تمامًا كما أنه ليست كل المشاعر السلبية «سيئة»؛ فعلى سبيل المثال، قد تؤدي المشاعر الإيجابية مثل «الارتياح» إلى انخفاض الدافع، في حين أن المشاعر السلبية مثل «القلق» من فشل الاختبار قد تؤدي إلى زيادة الدافعية والحماس والإصرار لتجنب مزيد من الإخفاقات.
كما يمكن للطلاب أن يكون لهم ردود أفعال وجدانية مختلفة على نفس الموقف بسبب اختلاف أهدافهم الشخصية، أو مشاعرهم تجاه أدوات التقييم أو بسبب اختلاف قدراتهم الذاتية، فضلاً عن تأثير عوامل العمر والجنس والانضباط الأكاديمي، وتأثير العوامل الاجتماعية والثقافية الشخصية، مثل أسلوب تربية الأهل والطموحات المهنية. كما اقترحت بعض الدراسات أن الاختلافات في البيئات البيداغوجية تؤدي إلى تصورات متباينة عن أثر عمليات التقييم على الاستقلالية والمهارة.
أ. د. جبريل بن حسن العريشي
عميد التطوير والجودة
أستاذ علم المعلومات
إضافة تعليق جديد