في ثنايا هذا الكتاب، تناول المؤلف الدكتور دانيل ج. ليفيتن، عالم الأعصاب بجامعة مكغيل، موضوع مواجهة العقل البشري لغزارة وسيل المعلومات في هذا الزمن، والتي لم يسبق لها مثيل في التاريخ، وطريقة تعامله معها وتذكُّرها، وأوضح أن أدمغتنا أصبحت أكثر عملاً وانشغالاً مما كانت عليه في الماضي، وأننا في حاجة ماسة إلى تنظيم عقولنا والبيئة المحيطة بنا؛ لما لذلك من أثر فعال في اتخاذ القرارات الصائبة.
تنظيم الدماغ
وقدم في هذا الكتاب شرحًا لكيفية عمل الدماغ، وكيف ينظم هذا الفيض من المعلومات، وكيف يمكن تنظيم البيئة المحيطة بنا في المنزل، ومكان العمل، وإدارة الوقت. وأجاب عن العديد من الأسئلة ذات الصلة مثل: لماذا يركز الدماغ على بعض الأشياء ويغفل غيرها؟ ما الذي يدفعنا لتذكُّر أشياء بعينها؟ وما الذي يقدِّم لنا طريقة عمل الدماغ لننظم البيئة المحيطة بنا؛ مثل: المنزل، مكان العمل، والوقت، والعلاقات الاجتماعية، وكذلك صنع القرار الصائب؟
تطور النظام العصبي
يتألف الكتاب من ثلاثة أجزاء تقع في «528» صفحة؛ تحدث في المقدمة عن تطور النظام العصبي لدى البشر، منذ فجر التاريخ في عصر الصيد والالتقاط، وعن كيفية تكيفه مع البيئة المحيطة، وذكر أن الإنسان كان يعتمد على الذاكرة والأصوات قبل اختراع الكتابة ولاحقًا التقويم التاريخي، وخزائن حفظ الملفات، والحواسيب، والهواتف الذكية. كما ذكَر أنَّ علماء النفس المعرفيِّ أثبتوا أنَّ الذاكرة لايمكن أن يعوّل عليها بشكل مطلق، وأنَّ هناك نوعيْن من المصادر الخارجية للذاكرة: أحدُهما يتوافق مع نظام الدماغ، والآخر يعارضه، ويكمن نجاح الإنسان في معرفته طريقة أنظمة الدماغ والتوافق معه، ومن ذلك نظام الانتباه.
مصادر الذاكرة
وقرر د. ليفيتن أن تعدُّد المهام في الوقت الواحد يعتبر عدواً لنظام الانتباه والتركيز، وأن أول من استخدم المصادر الخارجية للذاكرة هم الإغريق، وكذلك المصريون القدماء من خلال اختراع المكتبة، وأوضح أن هناك طريقتين رئيستين يمكننا من خلالهما السيطرة وتحسين عملية الانتباه: الأولى هي التركيز في طريقة إدخال المعلومات وترميزها، والأخرى تنظيم طريقة استرجاعها.
آلية التركيز
تطرق الجزء الأول إلى آلية التركيز، التي تعد الأساس العقلي الأكثر أهمية، ووصف كيفية عمل نظام الانتباه، وبيَّن أن التركيز المشتت بين عدة مهام يحرق الكثير من الجلوكوز المؤكسج «وقود الدماغ»، ومن ثَم يؤدي إلى إنهاك الطاقة العقلية.
وتضمن هذا الجزء فصلين؛ فجاء الفصل الأول بعنوان “الكثير من المعلومات، العديد من القرارات؛ فصل تاريخ المعرفة المفرطة”، وكان الفصل الثاني هو “الخطوة الأولى نحو الصواب؛ كيف تعمل الذاكرة والتركيز”.
سيكولوجية الذاكرة
في الجزء الثاني، تحدث عن كيفية استخدام النظام السيكولوجي للذاكرة لتنظيم أفضل للعقل، وجاء في أربعة فصول: حمل الفصل الثالث عنوان “تنظيم منازلنا؛ ما هي البداية المثلى لتتجه للأفضل؟!” وتحدث في الفصل الرابع عن “تنظيم عالمنا الاجتماعي؛ كيف يتواصل الناس الآن”، وحمل الفصل الخامس عنوان “تنظيم وقتنا؛ ما هو السرّ؟”، بينما جاء الفصل السادس بعنوان “تنظيم المعلومات للقرارات المصيرية؛ عندما تكون الحياة على المحك”. أمّا الفصل السابع فقد تناول “تنظيم عالم الأعمال؛ كيف نستحدث القيمة”.
أهمية درج الخردة
وفي الجزء الثالث، تناول في الفصل الثامن موضوع “كيف نعلم أطفالنا؛ مستقبل العقل المنظم”، واختتم الكتاب بالفصل التاسع والأخير الذي جاء بعنوان “كل شيء آخر، أهمية درج الخردة!”.
إضافة تعليق جديد