مناسبة قولهم «الصيفَ ضيعت اللبن»

 

 

من جمال اللغة العربية احتواؤها أمثالاً وحِكَماً سارت بها الركبان، وتكررت على مدى المناسبات والأزمان، وهو ما يدل على قوة وبلاغة الجمل والعبارات التي يعبر بها الناس عن أفكارهم ومشاعرهم.

ومن أشهر الأمثال قولهم «الصيفَ ضيعت اللبن»، وقد ورد أنّ قائل هذا المثل هو عمرو بن عمرو بن عداس، وهو أحد الوجهاء والأثرياء في قومه، وكان يُضرب به المثل في السخاء والكرم، وكان عمرو يحب ابنة عم له، ولكنها كانت تصغره في العمر كثيراً، ومع ذلك تقدّم لخطبتها وسرعان ما وافق أبوها، فمن ذا الذي يستطيع أن يرفض عمراً وهو بهذا الثراء، لكن الفتاة كانت مكرهة على هذه الزيجة، وعمرو لم يكن يعلم ذلك منها.

تزوج عمر من ابنة عمه وكان كريمًا معها وسخيًا فكان كثيرًا ما يقدم لها الهدايا وكان يعاملها بكل ود وحب، ولكنها رغم ذلك كانت تعامله بكل جفاء فكانت تنظر لبنات جيلها وهم يتزوجن من الشباب ومن هم في مقتبل العمر، وتظل تنعى حظها الذي أوقعها في ذلك الشيخ الكبير، وظلت هكذا على حالها كلما يعاملها برقة وحنو تقابله بجفاء وقسوة حتى أحس منها بالكره فواجهها بذلك وقال لها: أيسرك ان أطلقك؟ فقالت وهي فرحة: نعم، أحزنت كلماتها عمراً لكنه أصر أن يطلقها، ووقع الطلاق في الصيف.

ويقال إنها عادت إليه بعد سنين وقد أزرى بها الدهر وطلبت مساعدته ولمحت إلى أنها لا مانع لديها من العودة إليه زوجةً، فقال لها «الصيفَ ضيعت اللبن».

وهذا المثل يقال لمن يضيع الفرصة بسبب الطمع، ويستفاد منه ضرورة وقوف المرء عند حده ومقدرته وعدم تخطيه لأمر من الأمور أو سبب من الأسباب، وجوب العدل والإنصاف في إعطاء الناس حقوقهم وعدم التجبر والتسلط عليهم لمصلحة شخصية قريبة أو بعيدة، وجوب تأديب الطامع وزجره من أجل أن يعود إلى الرشد والصواب.

 

عبد السميع أولوافيمي أبو امتنان - نيجيريا

اللغويات العربية 

ماجستير في تعليم العربية للناطقين بغيرها

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA