العلاج الذاتي بديلاً للعقاقير الطبية

تعد الصحة تاجًا على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، لذا يلجأ البعض سريعًا إلى تناول الأدوية فور الشعور بالمرض، والأفضل عدم الإسراع بتناول الأدوية لإعطاء الجسم الفرصة ليشفى ذاتيًا، حيث إنه في كثير من الحالات ينجح الجسم في معالجة نفسه، وهو  ما يسمى «بالعلاج الذاتي».

 وتعتمد فكرة هذا النوع من العلاج على تحفيز قوى الشفاء الداخلية «الطبيب الداخلي»، هذه القوى يعمل عليها  الطب الحديث لتحقيق الشفاء من الأمراض. فقوى الشفاء الذاتي تتحفز بتشجيع الطبيب مع اعتقاد المريض بأنه سيشفى بإذن الله، ولا يقصد بالعلاج الذاتي تناول العقاقير الطبية بدون وصفة طبية. ويعد التئام الجروح من الأمراض التي يمكن للجسم علاجها ذاتيًا من خلال تحفيز الخلايا الجذعية التي تقوم ببناء الأنسجة التي تضمد الجروح،كذلك خلايا الهيكل العظمي تجدد تماماً ويقوم الجسم ذاتيًا بإصلاح العظام التي تعرضت للكسر. أضف إلى ذلك العضلات والكبد والمعدة والأمعاء وغيرها من أعضاء الجسم يمكن تجديدها، وبذلك يعالج الجسم نفسه ذاتيًا. أيضًا جسم الإنسان مسلح بالجهاز المناعي للوقاية من الأمراض المعدية التي تسببها الكائنات المجهرية «الفيروسات والبكتيريا والفطريات» والمسرطنات، كما يعطى الجهاز المناعي إشارات تنبيه مثل الشعور بالتعب والألم دليلاً على الحاجة للعلاج. وحينئذ يفضل أخذ قسط من الراحة أو القيلولة أو الجلوس مع الصحبة الطيبة والأشخاص الإيجابيين أو الاستحمام بالماء بدرجة حرارة مناسبة للجسم. وكثيرًا ما يلجأ الأشخاص لتناول المسكنات والمهدئات  من أجل تجنب الإرهاق والقيام بالمزيد من العمل بالرغم من تحذير  دراسات كثيرة من تناول المسكنات لما لها من آثار سلبية على الكلى والكبد والجهاز الهضمي والقلب وقد تؤدي إلى لإصابة بالتشنجات والفشل الكلوي والكبدي  وفقد الوعى والوفاة، ومع كثرة الاستعمال لا تكون مجدية عند الحاجة الضرورية لتناولها. ومن المفضل عدم الإسراع في تناول المسكنات والمهدئات والمضادات الحيوية وغيرها من العقاقير الطبية إلا باستشارة المختصين وعند الضرورة.

 وكنوز الطبيعة مليئة بمحفزات العلاج الذاتي، مثل الزنجبيل الذي يحتوي على العديد من المواد التي تقي من الأمراض، مثل مضادات الأكسدة والكالسيوم والألياف الغذائية والبوتاسيوم وفيتامينات مختلفة مثل فيتامين «سي» وفيتامين «بي 6». كما يستخدم لعلاج النزلات المعوية والغثيان والقيء ونزلات البرد والصداع، ويعد بديلاً طبيعيًا لمسكنات الألم ومضادات الالتهاب، وذلك لقدرته على خفض البروستاجلاندين المسبب للآلام. كما أن للكركم خصائص مضادة للالتهاب، وقد أشارت دراسات عديدة إلى أن تناول مسحوق الكركم يساعد على تخفيف الألم،  كما الكثير من التوابل الموجودة في المنازل تعد من المهدئات ومسكنات الألم. أيضًا الأحماض الدهنية «أوميجا 3»  الموجودة في الأسماك والكاينولا والكتان والزيتون، وغيرها من الزيوت النباتية تعد من منبهات العلاج الذاتي، وتعد كعلاجات فعالة وآمنة للأمراض المزمنة، كما أن بعض المشروبات، مثل الشاي والقهوة والقرفة واستنشاق الزيوت العطرية الطبيعية، وغيرها من كنوز الطبيعة تعمل  كمسكنات للألم ومنبهات للعلاج الذاتي.

 ولتعزيز العلاج الذاتي يجب البعد عن القلق والتوتر، وهما العدو الأكبر للعلاج الذاتي، حيث يزداد إفراز الكورتيزون  الذي يثبط الجهاز المناعي، بينما تنشط آليات الشفاء الذاتي بالاسترخاء والتأمل والتفاؤل والأفكار الإيجابية والسعادة  وعلو الهمة ونمط الحياة الصحي، كما تعد الرقية الشرعية وأداء الصلوات والصدقة، وغيرها من العبادات بخشوع وطمأنينة من محفات العلاج الذاتي، قال الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ». ومع أهمية العلاج الذاتي إلا أنه لا يستغنى عن زيارة الطبيب، فبعض الحالات تحتاج لوصفات طبية ليتحقق الشفاء بإذن الله.

أ. د. جمال الدين إبراهيم هريسة 

 كلية الصيدلة – جامعة الملك سعود

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA