هل يمكن أن تقدم المؤسسات التعليمية ضمانًا بجودة الخدمة التعليمية التي يحصل عليها الطلاب، أسوة بشهادة الضمان التي تقدمها أي شركة خاصة للعميل بعد الانتهاء من أعمالها!
من النادر أن يتم ذلك، وأحد الأسباب التي ذكرت في هذا الشأن هو أن الخدمات التعليمية تعتبر خدمات غير ملموسة، ومن ثم فهي تنطوي على مخاطر، كما تتضمن احتمالات للفشل، أكثر من تلك التي تتضمنها الخدمات الملموسة، مما يؤدي إلى زيادة تكلفة تقديم ضمانات بجودتها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تصميم وصياغة «ضمان الخدمة» يمثل تحديًا كبيرًا بالنسبة للخدمات التعليمية، وذلك بسبب صعوبة الفصل بين أدوار ومسؤوليات الطلاب من جانب ومزودي الخدمة – وهم المؤسسات التعليمية - من جانب آخر.
كما أن ضمان الخدمة التعليمية هو بمثابة ضمان لأرباب العمل المحتملين بأن من يلتحقون بالعمل في مؤسساتهم هم من الخريجين الذين اكتسبوا المعارف والمهارات الضرورية لإنجاز الأعمال بكفاءة، وهو ما قد يؤدي إلى أن يتم التعامل مع الخريجين - من قبل المؤسسات التعليمية - كمنتجات تعليمية وليس كعملاء أو زبائن كما ينبغي أن يكونوا.
وفي نفس السياق، هناك من يرى أن إدراك الطالب لمخاطر التسجيل في الفصل التعليمي مع وجود ضمان بجودة الخدمة التعليمية التي سيحصل عليها قد يكون سببًا في عدم الجدية، بينما عدم وجود هذا الضمان قد يكون أداة فعالة في الحفاظ على الجدية. ويضربون مثلاً لذلك بالعميل الذي يقرر شراء منتج لا ضمان له، فإنه يكون لديه حافز أكبر للحفاظ على المنتج في حالة جيدة، بينما العميل الذي يختار المنتج المغطى بضمان، فإنه يختار دفع تكلفة أعلى مقدمًا، ولكنه قد لا يكون لديه الحافز للحفاظ على المنتج في حالة جيدة.
وعلى الجانب الآخر، ثمة من يرى أهمية تطبيق مفهوم «ضمان» جودة الخدمة التعليمية للحصول على رضا الخريجين في مؤسسات التعليم العالي، باعتبار أن هذا الضمان هو بمثابة وعد رسمي يتم تقديمه للطلاب بشأن الخدمة التعليمية التي يتلقونها.
ويرى أصحاب هذه الرؤية أنه مع زيادة تكاليف التعليم، وخصوصًا عندما يتعين على الطلاب دفع جزء من نفقاته، أو كلها، فمن المرجح أن يزداد التوجه نحو معاملة الطلاب كزبائن، وحينئذ يزداد وزن المؤسسة التعليمية الضامنة للخدمة التعليمية لدى الطلاب الجدد فيقبلون على الالتحاق بها.
كما يمكن حينئذ للمؤسسات التعليمية الإشارة إلى الجودة العالية لفصولها الدراسية من خلال تقديم ضمان تعليمي، وهو ما تزداد أهميته عند تقديم مواد اختيارية تعتمد على وجود عدد كافٍٍ من الطلاب المسجلين، حيث لا يتم البدء في التدريس إلا بعد توفر عدد معين.
وهم في ذلك مثل البائعين الذين لديهم منتجات عالية الجودة، ويبحثون عن ميزة تنافسية من خلال تمييز أنفسهم - عن بائعي المنتجات منخفضة الجودة - عن طريق إرسال إشارات تسويقية قبل الشراء، وإحدى هذه الإشارات هي تقديم شهادة «الضمان»، إلا أن سعر الخدمة التعليمية «المنتج» حينئذ يكون زائدًا عن سعر بيع المنتج بغير ضمان، وذلك لتغطية تكاليف مطالبات الضمان.
أ. د. جبريل بن حسن العريشي
عميد عمادة التطوير والجودة
إضافة تعليق جديد