الإدمان الخفي والأمراض العصرية

يعد الإدمان الخفي المسبب الرئيسي للأمراض العصرية التي تهدد صحة الإنسان، فهو يؤدي إلى السمنة والتعرض لأمراض شتى مثل «متلازمة الإيض»، ويعرف تعاطي الإنسان للمواد الكيميائية مثل «التبغ والقنب والقات والمورفين والكوكايين والكبتاجون والخمور» بالإدمان الكيميائي، حيث تُحدث هذه العقاقير خللاً بيوكيميائيًا في الموصلات العصبية «الدوبامين والسيروتونين والأندورفين» التي تتحكم في كيمياء الجسم، فيؤدي ذلك إلى اضطراب في السلوك وعدم السيطرة على النفس.

كما يؤدي تعود الإنسان على عادات لا يستطيع التخلي عنها إلى ما يسمى «بالإدمان الخفي»، ومن أمثلته إدمان أنواع  معينة من الطعام والشراب وكثرة النوم والتسوق والتكنولوجيا الحديثة، كما يعد إدمان العمل والنجاح والغلو في العبادات من أمثلة الإدمان الخفي.

هذا الإدمان لا يقل خطراً عن الإدمان الكيميائي، فقد أفادت دراسات حديثة أن الإدمان الخفي يؤدي إلى اضطراب في «الدوبامين والسيروتونين  والإندورفين»، مما ينتج عنه الإفراط في  هذه العادات وعدم التخلي عنها.

ويعد إدمان النشويات في مقدمة أشكال «الإدمان الخفي»، حيث إن إدمان الحلا والشكولاتة يرفع مستوى الهرمونات التي تعطي إحساساً بالمتعة، ومع الوقت يقل الإحساس بالطعم الحلو مما يؤدي إلى الإفراط في  تعاطي السكريات للحصول على الجرعة المطلوبة، وبهذا يتحول الشخص إلى مدمن للسكريات ولا يمكنه التخلي عنها، مثلما يحدث مع الإدمان الكيميائي.

أيضًا يعد إدمان التقنيات الحديثة من «الإدمان الخفي»، فهناك من يدمن الدخول إلى الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإباحية والألعاب الإلكترونية، وقد أشارت الدراسات أن مستخدمي هذه الوسائل بكثرة يصابون بالقلق والتوتر ولا ينامون جيدًا ويدمنون المواد الكيمائية ولا يمارسون الرياضة ولديهم عزلة اجتماعية وخلل في المنظومة المناعية.

ومن أمثلة الإدمان الخفي أيضًا إدمان الوجبات السريعة ومشاهدة الأفلام والمسلسلات والمسرحيات ومتابعة المباريات والكسل والنميمة وحب الظهور والشهرة والمماطلة وتأجيل المهام وإضاعة الوقت وإدمان العمل والنجاح من الإدمان الخفي.

ويعد الإدمان الخفي من مسببات الاكتئاب وقلة الحركة، فيصبح عرضة لأمراض شتى مثل  «متلازمة الأيض» وخصوصًا في الشتاء، حيث تزداد لزوجة الدم فيقل تدفقه إلى الأطراف والأغشية المخاطية، وبذلك تقل كفاءة الجهاز المناعي فيصاب الإنسان باكتئاب الشتاء والأنفلونزا وأمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب والشرايين وغيرها من الأمراض.

وللتخلص من الإدمان الخفي على الإنسان أن يواجه نفسه ويتخلى عن العادات التي تسطير عليه بعزيمة وإصرار وبدون تسويف، كما يعد التدرج وإيجاد الحلول البديلة من أهم الطرق للتخلص من الإدمان الخفي. كما أن التوسط والاعتدال في كل الأمور وممارسة الرياضة وتناول الغذاء الصحي مثل الموز والمكسرات والفطر ومنتجات الألبان والأرز البنى والشوفان والمأكولات البحرية والتوابل الحريفة من محسنات الحالة المزاجية.

كل ذلك يعطى طاقة إيجابية ويحفز الجسم على إنتاج هرمونات السعادة التي تعطى شعورًا بالنشاط والحيوية وتعمل كعلاج طبيعي للإدمان الخفي.

 

أ. د. جمال الدين إبراهيم هريسة

كلية الصيدلة

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA