تبنت بعض الدول الأوروبية كالنمسا وألمانيا وسويسرا وبعض دول شرق آسيا، وعلى رأسها كوريا الجنوبية وسنغافورة، عملية إعادة التدوير، ونظرًا لارتفاع معدل إعادة التدويرفي بعض تلك الدول إلى نسبة قد تصل إلى 99% فإنها تستورد النفايات من بلدان أخرى لإبقاء خطوط إنتاجها مستمرة!
وتقوم بعض تلك الدول باستخلاص الزيت الخام من نفايات البلاستيك ثم تقوم معامل تكرير خاصة باستخدام هذا الزيت في صناعة وقود وتوليد الطاقة أو مواد أساسية في صناعة اللدائن، والبعض الآخر يسفيد من الطاقة الناتجة من حرق النفايات في توليد الكهرباء.
وحسب إحصائيات صدرت عام 2013 عن وكالة البيئة الأوروبية EEA جاء ترتيب الدول العشر الأولى من حيث التخلص من النفايات عبر عملية إعادة التدوير كالتالي: النمسا 63%, ألمانيا 62%, بلجيكا 58%، هولندا وسويسرا 51%, الولايات المتحدة والسويد 49%, لوكسمبورج 46%, النرويج 42%, وأخيرًا الدنمارك 40%.
حققت النمسا، على سبيل المثال، تقدماً كبيراً في عملية إعادة التدوير وجنت من هذه العملية فوائد اقتصادية وبيئية في الوقت نفسه، وتحتل النمسا مركزاً متقدماً في عملية إعادة التدوير، إذ تُعيد تدوير ما يصل إلى 64% من النفايات، ولدى النمسا قوانين مُلزمة لإدارة المخلفات، وتمتلك تاريخاً طويلاً في عملية تدوير المخلفات، مما يجعلها أكثر دولة صديقة للبيئة على مستوى العالم.
وفي ألمانيا، تُعتبر عملية إعادة تدوير النفايات روتيناً إلزامياً، وتوجد في الأفنية الخلفية لكل مبنى في المدن الألمانية أربع حاويات رئيسية ذات ألوان مختلفة وكل لون يدل على نوع النفايات المستهلكة، فمثلاً الحاويات الزرقاء أو الخضراء تكون خاصة بالورق والكرتون، الحاويات الصفراء خاصة بالمواد البلاستيكية، حاويات بنية اللون لبقايا الطعام، وأما الحاويات السوداء أو الرمادية فهي مخصصة لباقي النفايات المنزلية وبشكل أدق النفايات التي لا يمكن إعادة تدويرها.
وفي كوريا الجنوبية تعتبر عملية إعادة التدوير إلزامية على جميع المواطنين، وتقوم الجهات المختصة هناك بتوزيع حاويات خاصة بجمع النفايات في مختلف الأحياء وتُصنف إلى تسعة أنواع ولكل نوع حاوية خاصة، وتحتل كوريا الجنوبية حالياً صدارة الدول التي تقوم بتدوير الأطعمة، حيث تقوم بإعادة تدوير حوالي 95% من الأطعمة المهدرة لديها، وبالرجوع إلى عام 2005 م نُلاحظ أنه تم حظر رمي الأغذية في براميل النفايات، كما أن الحكومة هناك فرضت عام 2013م إجراءات إجبارية لإعادة تدوير الأطعمة المهدرة باستعمال أكياس خاصة قابلة للتحلل الحيوي.
ختامًا، يمكن القول إن ثقافة «إعادة التدوير» في البلدان الرائدة حالياً، لم تكن شائعة ومنظمة بالشكل الحالي، ولكن بعد مرور عدة سنوات انتشرت هذه الثقافة في تلك البلدان وأصبح هناك قوانين إلزامية لجميع المواطنين، وهذا يُعطينا الأمل بأن تكون لدينا هذه الثقافة مستقبلاً إذا التزمنا بها ووُضعت القوانين الملزمة لهذه العملية، وهذا سيؤدي إلى التعامل الصحيح مع المخلفات واستثمارها ليكون لها عائد مادي وصحي وبيئي بشكل عام.
أ. نسيم منصور آل أيوب
قسم الكيمياء الحيوية
إضافة تعليق جديد