نتساءل دائمًا عن الزمن الجميل، وباللهجة الدارجة «زمن الطيبين» في أغلب حياتنا اليومية، معظم الأشياء تبدو جميلة في الماضي سواء كانت علبة جبنة كرفت، كريم أطفال، حليب نيدو، لصقات الواجبات في دفتر المدرسة، وعبق بخور بيتنا، وفي بلد الابتعاث تبدو تلك الأشياء أثمن وأجمل.
مشكلتنا أننا نحاول أن نعيش ذكرياتنا من خلال تذكر تلك الأشياء وننسى العنصر الإنساني في الزمن الجميل، لماذا نربط ذكرياتنا بتلك الأشياء المستهلكة ولانربطها بأشخاص نحبهم ونقدرهم؟
هذه الأشياء لا تنسى ولا يوجد أفضل منها، وربما ظهر الآن من التطبيقات ما يوثق هذه الذكريات وينشرها للمعارف، ولكن مهما تقدمت التكنولوجيا لا شيء يستبدل تلك المشاعر المرتبطة بتلك الأشياء القديمة.
هل هذا خلل في تربيتنا على تقدير الشيء وتهميش الإنسان!
أحيانًا نتذكر شيئين مختلفين لنفس الحدث؛ أذكر أنني استمتعت بطعم الحليب ولكن لا أذكر أنني سكبته على أفضل ملابسي، أذكر أنني استمعت لأغنية معينة ولكن لا أذكر مدى الإزعاج الذي تسببت به لوالدي المنهك من عمله.
هكذا هي ذكرياتنا، انتقائية، وأحيانًا أزلية، تبقى ما حيينا، أعتقد أننا يجب أن نتفكر في تربيتنا للجيل الجديد عن مدى أهمية «عيش اللحظة» وارتباطها بذاكرتنا التي لاتخوننا عندما نريد أن نتذكر الماضي.
صديقاتي وأفراد من عائلتي ينتقدونني أحياناً، لماذا لا تستخدمين السناب شات؟ لماذا لا تشاركين في قروب الواتس آب؟ هل نسيتينا؟ لا لم أنسَ أحداً، أنا فقط «أعيش اللحظة»، أُخزن ما استطعت في ذاكرتي تلك الأحداث حلوها ومرها، لا أربطها بكوب قهوة أو حذاء جميل.
أعتذر لأنني أنتمي «لزمن الطيبين» ولكنني أرى الحياة كما هي، ولا أفبركها لأحد، أعيشها لنفسي، ولعائلتي، وصديقاتي، لا تربطوا سعادتكم بأشياء، اربطوها بلحظات لا تنسى.
د. حياة توفيق بديوي
كلية الآداب ـ قسم اللغة الإنجليزية وآدابها
إضافة تعليق جديد