الأستاذ الدكتور إبراهيم بن عبدالله الحماد، عضو هيئة تدريس في هندسة التشييد، قسم الهندسة المدنية بكلية الهندسة، وأستاذ زائر بجامعة شتوتجارت بألمانيا، وعمل كعضو مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان الأهلية وعضوًا بمجلس إدارة الهيئة السعودية للمهندسين، له العديد من الأبحاث العلمية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي وإدارة المشاريع الهندسية فضلاً عن نشر مقالات عامة في صحيفة رسالة الجامعة، ويرأس باستمرار لجنة العلاقات العامة بالقسم والتي تقوم بدعوة محاضرين خارجيين بارزين لعرض تجاربهم الهندسية على أعضاء هيئة التدريس وطلبة الدراسات العليا؛ يتحدث في هذه الصفحة عن ذكرياته وانطباعاته ويستعرض مواقف إنسانية مؤثرة مع عدد من منسوبي الجامعة، من أكاديميين وإداريين، ربطته بهم علاقات طيبة لسنين طويلة..
«أكبر من المناصب»
هنالك حركة دؤوبة في مكتبه بين داخل وخارج أشبه بخلية نحل وعندما يتجول داخل بهو العيادات الخارجية يتبعه مساعدوه وأطباء وممرضات ومراجعون مثلي، حيث يوزع الأعمال على أعوانه ويتحدث مع الممرضات الفلبينيات بلغتهن، ويبت في شؤون المرضى فورًا، والكل سعيد بقضاء حاجته منه، بعيدًا عن الانتظار الممل والبيروقراطية القاتلة!
يا ترى من هو هذا الشخص الفذ؟! إنه الدكتور مطلق الرشيدي القائد الإداري المقدام، المدير الإداري لمستشفى الملك خالد الجامعي لأكثر من 30 سنة، وهو شعله من النشاط والخدمة اللا محدودة الذي يسخر صلاحياته الإدارية ومهارته فوق العادة في تلبية حاجة ورغبة المريض المراجع قبل أي شيء، يتغير ويتنقل كبير الأطباء وعمداء كلية الطب وروساء الأقسام الطبية وكبيرات الممرضات، ويظل الدكتور مطلق في مكتب متواضع يتنقل بين الممرات وأدوار المستشفى، ويظل هو ببساطته الرجل المناسب في الموقع المناسب، حيث لم يكن همه المناصب الإدارية بل هو أكبر بكثير من ذلك، إذ كسب حب الناس ودعواتهم له، ولم تخف مكانته وأداؤه عند إدارة الجامعة، إذ كان يكرَّم باستمرار ويدعم بكل الإمكانات لسمعته الطيبة وإخلاصه بالعمل.
«إداري متميز»
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم «من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»، في مجال خدمة شؤون اعضاء هيئة التدريس؛ تجد الأستاذ الشاب تركي الخطاف نموذجًا متميزًا في فن الإدارة، فهو لا يكتفي بخدمة أعضاء هيئة التدريس والموظفين وفق النظام بل يسخر خبرته بنظام الخدمة المدنية وتحديثاتها لتقديم النصح حول التقاعد والتعاقد والمواعيد الزمنية اللازمة للاستحقاقات وصرف الانتدابات والمكافآت والبدلات وغيرها. وحتى في فترة إجازته يعمل ويرد على الاتصالات والتساؤلات من داخل وخارج المملكة العربية السعودية؛ فضلاً عن جاهزيته للمساعدة بين أعضاء هيئة التدريس في التخصصات المختلفة، كونه يستشعر من مقابلاته مع جمهور الأساتذة معه من هو أقرب لنموذج «أخو نورة» في الفزعات.
«وزير خارجية الجامعة»
يعد الدكتور الديناميكي المرح مزيد بن مشهور التركاوي خير وزير خارجية للجامعة في ترتيب الاتفاقات وتنسيق زيارات مدراء الجامعات وكبار المسؤولين الأجانب للجامعة، فضلاً عن التخطيط والتنفيذ لزيارات معالي المدير ووكلاء الجامعة الخارجية لإبرام الاتفاقيات والتعاون العلمي والثقافي مما يبرز الجامعة والمملكة العربية السعودية في المحافل الدولية وعلى ساحة الجامعات الدولية، ولأول وهلة يفاجئ «أبو يسرى» الحضور في ظهوره بقامته الطويلة ونظرة عينيه عند افتتاح اللقاء إلا أن الله منّ عليه بلسان عذب يطمئن به سامعه عند بدء حديثه وتقديمه للحضور وتعريفه بعضًا ببعض وإبراز موضوع الاجتماع مما يعجب به الزائر ويكسر ببلاغته رتابة اللقاءات مع الوفود، ويهيئ للمسؤولين من الجانبين الدخول في صلب الموضوع.
ولم ينس له معالي مدير الجامعة الدكتور بدران العمر، هذا الدور الكبير الذي يقوم به الدكتور مزيد، إذ كان يشيد به وبدوره في عدة مناسبات وهو أهل لها لا سيما أن جواله لا يهدأ لضمان سير العمل.
«صاحب أيادٍ بيضاء»
الأخوان الطبيبان محمد وصلاح أبناء الحاج راشد الفقيه رحمه الله، الأول رائد جراحة القلب على المستوى الإقليمي والدولي، صاحب أيادٍ بيضاء وله جلسة أسبوعية بمنزله يستقبل ضيوفه وهم مزيج من رجال الأعمال والمهنيين والبسطاء ويكشف عليهم بمنزله إذا استدعى الأمر ويوجه المحتاج منهم للطبيب المعروف والثقة لعلاجه على مستوى مستشفيات المملكة، وعندما كان يعمل بالمستشفى العسكري أسس أول مركز لجراحة القلب بالمملكة بدعم لا محدود من أمير الكرم سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله؛ وزير الدفاع آنذاك، وقد عمل أبو راشد محاضراً خارجياً أو زائراً مجانًا في كلية الطب بجامعة الملك سعود؛ وتخرج على يده كوكبة من جراحي القلب السعوديين، فضلاً عن تبرعه منذ أكثر من 10 سنوات بجائزة الدكتور محمد الفقيه السنوية لأفضل بحث علمي لطلبة كلية الطب، كما استقطب الجراح المصري البريطاني المشهور دوليًا السير مجدي يعقوب لمقابلة واختيار أفضل 10 طلبة طب مميزين سنوياً لتدريبهم بمركزه في لندن، وقد حضرت المناسبتين أعلاه بالصدفة، ومن طلبته الدكتور المميز محمد فودة مؤسس ورئيس مركز جراحة القلب في المدينة الطبية لجامعة الملك سعود؛ وقد أشاد «أبو راشد» بالأخير، وقال «إنه أفضل منه في العمليات الجراحية»، وذلك عند زيارته لشقيقي الأكبر «موسى الحماد» حين كان مريضًا بمستشفى الملك خالد الجامعي؛ ليطمئنه على كفاءة الدكتور فودة قبل إجراء العملية، والتي تكللت بالنجاح والحمد لله. كما عرف عن «أبو راشد» كرمه وعمل المعروف، إذ تبرع بمليون ريال سعودي للأعمال الخيرية، وهي قيمة ما أهداه له ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة بعد أن أجرى له علمية ناجحة بالقلب في مدينة الرياض قبل عشرين سنة، وذلك وفاءً وإخلاصًا لملكه وشعبه ووطنه.
أسلوب شيق وسلس
ويتصف د. محمد الفقيه «أبو راشد» بأسلوب شيق في طرحه ونقاشاته وسلاسة أفكاره في أمور الصحة والعامة، وقد أبهرني عند ارتجاله كلمة عن العمل البلدي التطوعي في أحد لقاءات دعم حملة المهندس «طارق القصبي» والذي فاز لاحقًا فوزًا ساحقًا، وأصبح أول رئيس منتخب للمجلس البلدي لمنطقة الرياض «في الانتخابات البلدية قبل الأخيرة»، وقد شاركت في ذلك اللقاء بورقة عملية عن تطوير اللوائح البلدية، وكانت القاعة مكتظة بالحضور وقد صفق الحضور لكلمة الدكتور محمد الفقيه بحرارة وكان معظم أسئلتهم موجهةً له أكثر مما هي موجهة للمرشح! وقد سألت نفسي كيف لشخص مثل «أبو راشد» أن يشد انتباه الحضور في استعراضه للعمل البلدي والنهوض به، وهو غير متخصص به وكذلك غير متفرغ أكاديميًا!
وقد توج الدكتور محمد الفقيه مسيرته المهنية الطبية الوطنية بإنشاء صرح طبي مميز بمدينة الرياض هو «مستشفى الدكتور محمد الفقيه وشركاؤه» سيفتتح قريبًا وهو إضافة نوعية لمستوى الخدمة الصحية بمدينة الرياض، أدعو الله له بطول العمر ودوام الصحة وأن يسعده في الدنيا والآخرة.
«تواضع الكريم»
يتصل بالحديث عن د. محمد الفقيه «أبو راشد» الحديث عن شقيقه الأصغر الدكتور صلاح الفقيه جراح المسالك البولية بمستشفى الملك خالد الجامعي والذي نادرًا ما يغادر الرياض ويسكن لبساطته بتواضع في سكن أعضاء هيئة التدريس بالجامعة؛ أي ما بين مستشفى الملك خالد الجامعي و«مستشفى دلة» الذي يتعاون معه، وإذ لا أزكي على الله أحداً؛ فإن «أبو عبدالرحمن» لا يرد طلبًا لأحد بسهولة؛ وقد ذكر لي أستاذنا الدكتور عبدالله الغذامي أنه قبل سنوات طويلة ضاقت الأمور على أحد المراجعين المرضى بمستشفى الملك خالد وطلب شفاعة أو فزعه الدكتور الغذامي والذي بدوره مسكه بيده واقتحم بلطف مكتب الدكتور صلاح الفقيه، وقال له بالحرف الواحد: يا أبو عبدالرحمن هذا الشخص ضعيف وبحاجة إلى مساعدتك! وتركه عنده وغادر الغرفة، ولم يخيب أبو عبدالرحمن ظنه أو كربة المريض وأشرف على علاجه بالمستشفى. كما أن أبا عبدالرحمن يحول عدداً من المرضى من «مستشفى دلة» إلى مستشفى الملك خالد الجامعي ومتابعة
علاجهم إذا وجد أن تكاليف علاج المريض باهظة ولا يستطيع دفعها، وهناك عدد من الأساتذة الأطباء وأطباء آخرون أعرفهم يعملون نفس الشيء مما يبارك الله لهم في عملهم ولأمانتهم المهنية الطبية.
حكومتنا الرشيدة
في الختام، ومن باب «من لا يشكر الناس لا يشكر الله» توجه الدكتور إبراهيم الحماد بالشكر والتقدير لكل الأشخاص الذين ورد ذكرهم في هذه الصفحة ولكل صاحب فضل ممن لم يرد ذكرهم لضيق المقام، وأثنى على حكومتنا الرشيدة، أعزها الله، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، والتي وفرت البيئة المناسبة للشخصيات أعلاه وغيرهم فيما يحتاجونه من فرص وخدمات وموارد وأجهزة قد لا توجد في أضخم المستشفيات العالمية ودور العلم.
إضافة تعليق جديد