الأوهام الخمسة عن علم السياسة

 

 

ارتبط علم السياسة بظاهرة السلطة وجودًا وعدمًا، وتطور هذا العلم بشكل أضحى يدرس كل شيء في الحياة، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، ويوثر في كل شيء، ويمكن القول إن الإلمام بأصول هذا العلم تقود للأمام وتحقق التنمية والازدهار، وعدم الإلمام بتلابيبه تقود للخلف وتسبب النكسة والتراجع.

ومع الثورة المعلوماتية التي تجتاح العالم اليوم، زاد طموح الشباب والفتيات بالالتحاق بهذا التخصص والنهل منه، إلا أن هناك خمسة أوهام ظلت مسيطرة عليه؛ أولها: التعريف الشائع عن علم السياسة، أنه شر وتحايل ودسائس وألاعيب وإلى غير ذلك من أمور سلبية، رسخت في ذهن البعض الجملة الشائعة «ابعد عن الشر وغني له»، وينطق بها كل أب وأم يرغب ابنهم أو فتاتهم في الالتحاق بهذا التخصص، خصوصًا لو لم يوجد في الأسرة سابق خبرة بهذا التخصص العلمي.

ثانيها، أن السياسة هي نقد السلطة، وهذا الوهم الثاني غير صحيح على الإطلاق، فالسياسة كعلم تعلم الطلاب كيف يفهمون واقعهم السياسي المعاش وكيف يتعاملون معه وفق أصول علمية رصينة، بل أكثر من ذلك، يربي علم السياسة مواطنًا صالحًا يكون ولاؤه لدولته وأمته، ينظر لها بفخر ويعمل ويكد من أجل نهضتها، ومن بين طلاب السياسة من يشغل أعلى المناصب في الدول.

ثالثها، أن السياسة لا تغني ولا تسمن من جوع، وهذا أيضًا خطأ شائع، فعلم السياسة بتشعباته وفروعه واهتماماته، يفتح للطلاب والطالبات آفاقاً واسعة للعمل والكسب الجيد، سواء في الوزارات ذات الصلة كالخارجية أو الديوان الملكي أو غيرها من هيئات ومؤسسات تحتاج وتمارس هذا العلم بأصوله المتعارف عليها مثل مجلس الشورى، والهيئات الاقتصادية، فضلاً عن المؤسسات الدولية والإقليمية التي تتيح الفرصة للدول الأعضاء بتعيين بعض منسوبيها فيها.

رابعها، أن السياسة تشجع على الفرقة والاختلاف، وهذه أيضًا معلومة مغلوطة، فالسياسة وعلم السياسة عادة ما يؤهل أبناءه وبناته على كيف يحترمون بعض، ويحافظون على علاقات ودية رغم اختلاف وجهات النظر، وأن السياسي الجيد هو من يستطيع صهر الكل في بوتقة واحدة، يعبر عنها بالجمهور العريض.

وخامسها، أن علم السياسة هو الشؤون الخارجية، وهذا الوهم والمقتنعون به، نسوا أن ارتباط علم السياسة بظاهرة السلطة التي ترتبط بنشأة الدول، وتكوينها الداخلي، وأن الدول القوية داخليًا، هي من تستطيع صياغة وتنفيذ سياسة خارجية قوية، فضلاً عن كون السياسة العامة للدولة لها شقان داخلي وخارجي.

في الختام، حاولت أن أقدم للقراء الأعزاء تصحيحًا لبعض الأوهام المحيطة بهذا العلم المتميز، والذي تحتاجه كافة الدول في بنائها ونهضتها، وأعي جيدًا أن القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، فخر كلية الحقوق والعلوم السياسية، يدركون جيدًا أهمية هذا العلم في تنفيذ رؤية المملكة 2030.

د. أحمد خميس

أستاذ العلوم السياسية المساعد

كلية الحقوق والعلوم السياسية

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA