«رَحم» المعاناة

 

 

بيولوجياً أنت ولدت من رحم أمك، وفيما يخص نشأتك فلقد ربتك أمك والحياة معها، بالتأكيد كان هناك تعاون بينهما في ذلك، ضمنياً أنت أيضاً ولدت من رحم الحياة!

حتى وإن لم تعِ ذلك، فإنك خضت صراعك الأول في مرحلة مبكرة، مبكرة جداً، بل كان صراعك في أول ثانية من حياتك، ولو لم تقبل نضال لحظة ولادتك لما عشت!

في الحقيقة صارعتَ كثيرًا، برغبتك وبدونها، يكفيك صراعك في كل تجربة تصنف تحت مسمى «تجربتك الأولى»، وهي بالتأكيد الأثقل والأصعب والأرهق، حملت فوق عاتقك ضعف وزنك، سواء كان الحمل هنا مجازياً أم أنك حملته حقيقة، أنت حملت وتحملت.

ستظل تصارع ولكن متى وقت منافستك الشرسة؟

الفرق بين الصراع والمنافسة أن الصراع غير مخطط له، يباغتك ويأتي على حين غفلة منك، لكن المنافسة أنت تختارها، تعد لها ما استطعت من قوة ومن رباط الخيل، وإما غالب أو مغلوب.

في جلستك الخاصة للعصف الذهني، التي تعصف بكل شيء في ذهنك وفي خارجه يأتي التساؤل «ما الذي يستحق النضال من أجله؟».

بالمناسبة، في حال لم تلاحظ ذلك فلم نسمها منافسة فحسب، ولكن أطلقنا عليها وصف الشراسة، كن مستعدًا للهزيمة أو لا تكن، لايهم لكن دع الخيارات مفتوحة أمامك.

وبقدر توقعك للأفضل توقع الأسوأ، واقبل بالهزائم، ولو بت «أيها المنافس الشرس» منتصرًا في كافة منافساتك لما كان أمامك إعداد خطة أفضل، لظنك بأن خطتك الأولى ستنتصر في شتى الميادين.

رغم لذة الانتصارات إلا أن فضل قابلية الإعداد الجيد يعود للهزائم، وكما يقال «النصر يولد من رحم المعاناة»، واختلفت الرواية فمنهم من قال النجاح، الإبداع، الأمل يولد من رحم المعاناة.

رحم الله «رحمك» أيتها المعاناة، كل شيء يولد منه، حتى معركتي الأولى التي ذكرتها في صراع ولادتي كان من رحمك، أنتِ والحياة وأمي.

 

نوف حمود الموسى

كلية الحقوق والعلوم السياسية

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA