إعداد: أ. د. عبدالله بن ناصر الوليعي
قسم الجغرافيا - كلية الآداب
وافق قسم الجغرافيا بكلية الآداب على طلب أ.د. عبدالله بن ناصر الوليعي القيام برحلة علمية تطبيقية لطلاب مقرر أشكال سطح الأرض، وعددهم 23 طالباً، وذلك يوم الاثنين 14 ربيع الأول 1441هـ الموافق 11 نوفمبر 2109م، إلى جبال طويق ونفود عريق البلدان وسبخة القصب، استغرقت يوماً كاملاً من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الساعة السادسة مساءً، وقد أسهم دعم الجامعة والكلية والقسم في تسهيل أمور الرحلة وإكمالها على أكمل وجه والحمد لله.
المرحلة الأولى
جبال طويق «9 - 11 صباحاً»
انطلقت الرحلة يوم الاثنين 14 ربيع الأول 1441هـ الساعة الثامنة صباحاً متجهة نحو جبال طويق ووصلتها في نحو التاسعة صباحاً وذلك لغرض تطبيق ما درسه الطلاب عن الحافات وتشكلها في المملكة العربية السعودية، ومن الأفضل تسمية جبال طويق بحافة طويق لعدم انطباق تعريف الجبل عليها جغرافياً، فالجبل له قمم شامخة ومنحدرات ووهاد بينما حافة طويق ذات مستوى واحد تقريباً.
وتعد «حافة طويق» أبرز ظاهرة جيومورفولوجية في نطاق إقليم الحافات، بل هي الحافة الوحيدة التي تحتفظ باسم واحد رغم امتدادها الكبير لمسافة 985 كم ابتداءً من درجة عرض 30 َ 26 درجة شمالاً إلى الشمال من «الزُّلفي» بنحو 20 كم، وقد أدى القوس العربي الأوسط إلى تقسيم جبال طُويق إلى قسمين شمالي وجنوبي.
يتجه القسم الشمالي من الشمال الغربي ناحية الجنوب الشرقي لمسافة 270 كم؛ أي من خط البداية السابق إلى وادي نِسَاح عند درجة عرض 20 َ24 درجة شمالاً، وخلال هذه المسافة الكبيرة تبرز بعض النتوءات من مقدمة الحافة نتيجة للتعرية المائية وللتراجع المستمر للحافة وتسمى خشوماً.
ويسيل من صفراء جبال طويق أو ظهر الحافة عددٌ من الشعاب والأودية الكبيرة والصغيرة مثل وادي حنيفة، ووادي العَتْك أو العَتْش ورافده وادي المِيَاه، ووادي العَتْك يبدأ حقيقة من سُدَيْر، فمن المنطقة ما بين المَعْشَبَة والحُرَيِّق ينحدر واديان هما وادي سُدَير ووادي وُرَاط، فمن ارتفاع 921 متراً ينحدر وادي سُدَيْر نحو الشمال إلى روضة سُدَيْر ويمر بحَوطَة سُدَيْر في اتجاهه نحو الشرق، وكذلك بالعَطَّار وعودة سُدَيْر ثم يغير اتجاهه نحو الشمال الشرقي حيث يلتقي بوادي العَتْك.
أما شعيب وُرَاط فينحدر من شمال الحُرَيِّق نحو الشرق، حيث يواجه العَطَّار ثم ينحدر نحو الجنوب الشرقي ويلتقي مع رافد له اسمه شعيب الرَّكِيَّة، وبعد عبوره روضة الرَّحَى يتجه الوادي نحو الشمال الشرقي إلى روضة المَشْرَات وبعدها يعبر طريق الرِّيَاض ‑ القَصِيْم السريع ليلتقي بوادي العَتْك.
أما وادي العَتْك فبعد أن يلتقي به رافده وادي المِيَاه يتجه نحو الشمال الشرقي ويمر بروضة نُورة ويستمر في اتجاهه نحو الشمال، حيث ينتهي بفيضة التِّنْهَات بعد عبوره لحافة العَرَمَة، وتعد فيضة التِّنْهَات منتهى لعدد من الأودية الرئيسية، فبالإضافة إلى وادي العَتْك ينتهي بها كذلك وادي الشَّوْكي الذي ينحدر من صفراء العَرَمَة.
ويبدأ القسم الجنوبي من جبال طويق من جنوب وادي نِسَاح عند درجة عرض 20 َ24 درجة شمالاً حتى جبل خَطْمَة عند درجة عرض 07 َ 18 درجة شمالاً لمسافة 715 كم تقريباً، ويكون اتجاه الجبال في هذا الجزء من الشمال الشرقي ناحية الجنوب الغربي، ويحاذي حافة طُوَيْق من جهة الغرب نفود الدِّحِي ابتداءً من فتحة وادي بِرْك عند درجة عرض 10 َ 23 درجة شمالاً حتى فتحة وَادِي الدَّوَاسِر.
وفي هذا الجزء من حافة طُوَيْق يزداد ارتفاع الجبال، إذ تكثر القمم التي يتعدى ارتفاعها 1000 متر، وتتفوق بعض القمم على أعلى ارتفاع في حافة طُوَيْق الشمالية وهو «1030م» ومنها فريدة الشَّظْية «1196م» أعلى قمم جبال طُوَيْق كلها، وخشم الزَّاقِب «1123م»، وجبل الجُحْفَة «1068م»، وجبل بِلْعُوم «1081م»، وخشم الخَلْطَاء «1131م»، وخشم مَخْرُوق «1110م»، وخشم دَسْمَان «1045م»، وفريدة زَيْدَان «1012م»، وخشم لِبْدَان «1118م»، وخشم كَشَّافَة «1053م»، وخشم مَاوَان «1104م».
وهناك عدد من الأودية الرئيسية التي استطاعت اختراق حافة طويق والاتجاه شرقاً مثل وادي نِسَاح، ووادي بِرْك، ووَادِي الدَّوَاسِر، ووادي الحِنْو. ولن نذكر منها وادي نَجْرَان ووادي حُبُونَا رغم أنهما استطاعا اختراق حافة جبل طُوَيْق خلال العصور المطيرة نظراً لأن مجراهما القديم قد دفنته الرمال. وهناك بعض الأودية الأخرى المتصلة بهذه الأودية أو القريبة منها مثل أودية حَنِيفَة والسُّلَيّ والسَّوْط والعَقِيمِي وغيرها.
وقد رأى الطلاب هذه الحافة رأي العين، وشُرح لهم طريقة تكونها، ورأوا بديع صنع الله وقدرته في هذه التشكيلات من البيئة الطبيعية، وقد بحث الطلاب هنا عن الحفريات الجوراسية في حضيض الجبل وعثر جميعهم على نماذج منها، تشمل الحلزونات والقشريات والسمك الإسفنجي وغير ذلك، وقد ظهرت فائدة قلة الوزن مقارنة بثقله، حيث إن خفاف الوزن من الطلاب كانوا أكثر حركة واستجابة للشرح وقرباً من الظاهرة. وقد وعد ثقال الوزن بالتخفيف لما رأوه من الفوائد ولما لمسوه من عوائق في العمل.
المرحلة الثانية:
نفود عريق البلدان «2 - 2:30 ظهراً»
بعد ذلك اتجهت الرحلة إلى نفود عريق البلدان بهدف تطبيق ما درسه الطلاب عن الرمال من حيث الشكل والحجم والحركة، وقد لمس الطلاب من خلال مشاهدة حقلية هذه الأمور، فبعد نهاية نفود المَظْهُور يبدأ نفود الثُّوَيْرَات الذي يبلغ طوله 250 كم، منها 126 كم يمثل نفود عُرَيْق البُلْدَان نهاية نُفُود الثُّوَيْرَات، وعريق البلدان يطلق على الجزء الجنوبي من نُفُود الثُّوَيْرَات ابتداءً من درب أبا الصَّلابيخ المزفت الذي يربط بين حمادة الغَاط وأم حزم عند درجة عرض 50 َ 25 درجة شمالاً.
ويتناقص عرض نفود الثُّوَيْرَات باطراد نحو الجنوب فيبلغ أقصى عرض له 70 كم في الشمال عند درجة عرض 50 َ 26 درجة شمالاً، وعند مدينة الزُّلْفِي يبلغ 22 كم فقط، ويستمر نحو الجنوب بعرض لا يزيد متوسطه عن 10 كم فقط، وأقل عرض لنفود الثُّوَيْرَات وامتداده عُرَيْق البُلْدَان هو 2 كم فقط إلى الشمال الشرقي من مدينة أُشَيْقِر بنحو 6 كم وذلك في عُرَيْق البُلْدَان، ومساحة نفود الثُّوَيْرَات هي 4855 كم2، منها 800 كم2 تخص عُرَيْق البُلْدَان.
وفي الرمال شرح لهم الدكتور الوليعي عواقب تدمير النباتات الطبيعية ودهسها وخطورة التطعيس في تحريك الطبقة السطحية التي تنتقل من مكان إلى آخر بحيث إن أدنى هبة الآن تستطيع إحداث عاصفة رملية، ثم تعرف الطلاب على بقايا بعض النباتات الطبيعية التي تنمو في الرمال، واقتنعوا فعلاً بأن الأمر يحتاج إلى تكاتف الجهود لمنع التعدي على النباتات والحفاظ عليها لتفادي المشكلات البيئية التي تنجم من إزالتها أو إضعافها.
المرحلة الثالثة
مملحة وسبخة القصب «3 - 4 عصراً»
بعد ذلك انطلقت الرحلة نحو الهدف الأخير لها وهو زيارة السبخة والمملحة في القصب، وقد كانت زيارة مفيدة لمس الطلاب من خلالها حقيقة السباخ وكيفية تشكلها ودور الأملاح في ذلك، تلا ذلك جولة على مناطق المملحة وطريقة استخراج الملح منها، وقد تتبع الطلاب مراحل إعداد الملح ومدة تشكله، وقد استفسروا من العاملين عن ذلك، فالحوض الواحد يحتاج إعداده إلى ستة أشهر أو أكثر، إذ يضاف إليه ماء بسمك 10 سم كل مرة وبعد أن يتكون الملح يضاف ماء آخر بالسمك نفسه، وهكذا، وبعد مضي المدة السالفة تبدأ عملية استخراجه، وتصنيفه إلى ملح خشن يغسل في الموقع وينظف من الشوائب ويعبأ في أكياس تباع في المحلات، وملح ناعم ينقل للمصنع ويعبأ في علب بعد أن يغسل وينظف من الشوائب.
والسبخة مصطلح عربي يطلق على المسطحات الملحية الساحلية والداخلية؛ وهي أرض منخفضة تنتهي إليها مياه الشعاب المحيطة، وتتكون نتيجة إرساب الغرين والطمي والرمل الطيني في منخفضات ضحلة قد تكون واسعة في بعض الأحيان، وغالباً تتشبع الإرسابات بالملح نظراً لانعدام تصريف المياه المتجمعة، وقد يكون لها قشرة ملحية.
ووجود الملح هو الصفة المميزة للسباخ، وهو يميزها عن القيعان المملؤة بالغرين نتيجة تجمع المياه بها ولكنها بدون ملح، فهذه تسمى «قيعان» مفردها «قاع». أما «المملحة» وجمعها «ممالح»، فهو اسم يتكرر في المناطق الداخلية للدلالة على السبخة التي يستخرج منها الملح، أو استخرج منها بالفعل في وقت من الأوقات، وبالتحديد فإن المملحة هي الحفرة أو المكان الذي يستخرج منه الملح في السبخة.
وتتركز غالبية السباخ في حزام ضيق على امتداد ساحل الخليح العربي من الكويت إلى شرق قَطَر، ومعظمها يوجد خلال مسافة 60 كم من خط الساحل، ولكن البعض منها يقع بعيداً في الداخل، وعلى سبيل المثال سبخة حَظَوْظَاء في وَادي السِّرْحَان، وحول بَقْعَاء في إمارة حَائِل، وجنوب شرق بُرَيْدَة في منطقة يقال لها السباخ، وفي الشُّقًّة، وحول القَصَب شمال مدينة مَرَات، وحول يَبْرِين، وعلى شريط واسع على امتداد الحافة الشرقية للرُّبْع الخَالِي، وتختلف الطريقة التي تتكون بها السباخ الداخلية عن السباخ الساحلية.
إضافة تعليق جديد