د الزير: انتقلت من دراسة الطب للعلوم بنصيحة من فريق إنجليزي متخصص رغم معارضة أخي الأكبر

حصلت على ماجستير الفيزياء من أمريكا جامعة كولورادو والدكتوراه من بريطانيا جامعة ويلز
النشأة وذكريات الطفولة والشباب والمراحل التعليمية والأكاديمية
لقد كان الطريق طويلاً وشاقاً والأحلام إذا اقترنت بعزائم الرجال قادرة على تحقيق المعجزات

أتقدم بالشكر والعرفان لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله في صدور الأمر الملكي بمنحي وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، والذي يعكس منهج هذه الدولة لتشجيع العلم والعلماء منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه.
وإن هذا التكريم  مصدر فخر واعتزاز لي ولأسرتي فشكراً لزوجتي وأبنائي وبناتي وأسرتي الكبيرة على تفهمهم صعوبة الطريق خلال مسيرتي العلمية، داعياً المولى أن يديم علينا نعمة الألفة والمودة والمحبة، والشكر والتقدير موصول لمعالي مدير الجامعة ووكلائها لما يبذولونه من جهد كبير وملموس لخدمة أهداف الجامعة وتحقيق طموحاتها.
لقد كان الطريق طويلاً وشاقاً لتحقيق الأحلام، وقد قال الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - خلال إحدى زياراته للجامعة «في تاريخ هذه الجامعة العريقة تعلمنا أن الأحلام إذا ما اقترنت بعزائم الرجال قادرة بعون الله على تحقيق المعجزات» فالصبر ثم الصبر لرد الدَين لتربة هذا الوطن.

بين الطب والعلوم
وُلِدت في مدينة الدلم الرابع من خمسة أولاد وإبنتين وانتقل الوالد رحمه الله إلى مدينة الرياض وبدأت الدراسة الابتدائية في مدرسة علي بن أبي طالب والمتوسطة في ابن خلدون والثانوية العامة تخصص علمي في مدرسة اليمامة الثانوية، وبعد ذلك التحقت بجامعة الملك سعود في كلية الطب، وبعد المقابلة الشخصية من فريق إنجليزي متخصص وجد أن مهاراتي العلمية تصلح للتخصصات العلمية؛ مما أثار انزعاج أخي الأكبر زيد - أطال الله في عمره – بأن خريجي العلوم سيعملون في حقل التدريس وقتها ولكن أصررت على الالتحاق بكلية العلوم.

الماجستير بأمريكا
تخصصت في الرياضيات العامة والفيزياء وتخرجت بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف وعينت معيداً بقسم الفيزياء في جامعة الملك سعود، وخلال سنة الإعادة تم مراسلة الجامعات الأمريكية لدراسة اللغة والماجستير والدكتوراه وحصلت على قبول للماجستير في جامعة كولورادو الحكومية وكان موضوع الرسالة عن الألياف الكربونية وتأثير موجات المايكرويف من الناحية الفيزيائية، وتم نشر تلك الدراسة في مؤتمر الجمعية الأمريكية للبصريات وتم نشر الدراسة في مجلة علمية مرموقة.

الدكتوراه في بريطانيا
سجلت لمرحلة الدكتوراه في نفس الجامعة لإكمال أبحاثي في مرحلة الماجستير وأكملت جميع المقررات الدراسية المطلوبة للدكتوراه بنجاح ولكن لظروف متعددة أشار عليَّ رئيس القسم حينها د. خضر الشيباني بإكمال الدراسة في بريطانيا وسعى الأخ الدكتور عبدالرحمن العقل – رحمه الله – مع قسم الفيزياء بجامعة ويلز لقبولي للدكتوراه حيث رحب بي أحد الأساتذة لإجراء البحث تحت إشرافه وانتقلت إلى المملكة المتحدة.

تطبيقات الليزر
بدأت البحث في تطبيقات الليزر وكان مجال الدراسة والبحث يشجع في وقتها على تطبيقات الليزر المتقدمة جداً، لذا بحثت في الظواهر الغير خطية وهي فرع من فروع الأطياف الضوئية التي نشأت بعد اكتشاف الليزر، وكانت بداية البحث عن نبضات ليزرية صغيرة جدا باستخدام تفاعل ضوء الليزر مع البلورات والسوائل، والتى كانت مهمة في ذلك الوقت وهي أساس لما نحن نبحث فيه الآن من إيجاد نبضات قصيرة جداً لفهم سلوك الإلكترون داخل الذرة، وأنهيت درجة الدكتواره عام 1988م.

تصنيع ليزرات بحثية
بعد عودتي من البعثة بدأت العمل في قسم الفيزياء وقمت بتدريس المقررات بالإضافة إلى عمل بعض الأبحاث مع بعض الزملاء المتخصصين في القسم، وخلال تلك المدة بدأت بفكرة تصنيع ليزرات بحثية حتى يتم استخدامها في التدريس واطلاع الطلاب على هذه التقنية المتقدمة، وكان تصنيع جهاز ليزر خليط الهليوم والكادميوم الخيار المناسب لعدم وجوده في الأسواق ولميزة خروج ليزر ذي لون أبيض نتيجة التحكم في الانتقالات المولدة للون الأحمر والأخضر والأزرق وإقناع المجتمع بإمكانية تصنيع هذه التقنيات المعقدة.

أنشطة علمية
أشرفت على اللجنة الاجتماعية بالكلية وبدأت في إنشاء معرض للظواهر العلمية بالكلية، بالإضافة لإشرافي على مركز الابتكارات والهوايات العلمية بالجامعة والمشاركة في إعداد بعض المواصفات «18مواصفة» تابعة للهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس، وبعد ذلك رئيساً لقسم الفيزياء ومشرفا على قسم الفلك، تخللها عمل بحوث وإشراف على طلاب وطالبات مرحلة الماجستير والمشاركة في المؤتمرات الخارجية والداخلية.

إعارات وتكليفات
تمت إعارتي لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وعملت مديراً لمركز تطبيقات الليزر في معهد بحوث الفضاء وتجهيز مختبرات المركز لدراسة أطياف الليزر لأجهزة الاحتراق وأطياف الليزر المستحثة لعينات حديد سابك إضافة للإشراف على مرصد الليزر السعودي، وفي عام 2008 تم تكليفي برئاسة اللجنة التأسيسية لكلية العلوم والآداب في شقراء، ثم عميداً لكلية العلوم والآداب بشقراء، والمشرف على كلية العلوم الصحية للبنات بشقراء، وكانت وقتها تحت مظلة جامعة الملك سعود، واستمر العمل في شقراء حتى نهاية عام 2011 حيث قدمت اعتذاري عن الاستمرار نظراً لأهمية التعاون البحثي.

تعاون بحثي مع معهد ماكس بلانك
في عام 2008 طرحت الجامعة برنامج «علماء نوبل» حيث تم توقيع اتفاقية للتعاون البحثي بين الجامعة ومعهد ماكس بلانك للبصريات الكمية بألمانيا بحضور عالم نوبل ثيودور هانش، وكانت فرصة لما كنت أحلم به، فقد التقيت بالبروفيسور هانش خلال منحه جائزة الملك فيصل للعلوم في عام 1989م وأبديت حلمي في بناء تقنيات الليزر المتقدمة ونقلها للمملكة، وبدأ تفعيل التعاون بزيارة البروفيسور فيرنس كرواس مدير معهد ماكس بلانك للبصريات الكمية، وتم طرح التعاون للزملاء في القسم لمشاركة الباحثين هناك، وشارك في التعاون الأخ د. زياد الأحمد حيث تم افتتاح معمل عن بعد للجامعة أواخر 2008 وتمت المشاركة في الأبحاث القائمة وتدريب صيفي لعدد 27 من طلاب الجامعة وإنشاء مجموعة بحثية لجامعة الملك سعود ضمن المجاميع البحثية تحت مظلة مدرسة ماكس بلانك الدولية للبحوث في علوم الفوتون المتقدم (IMPRS-APS) وكنت ممتحنا خارجيا لطالبَي دكتوراه في جامعة لودفيغ ماكسميليان (ميونخ).

مختبر علوم الأوتوثانية
في عام 2012 تم تكليفي عميداً لمعهد الملك عبدالله لتقنية النانو حيث عملت على إعادة النظر في مفهوم تقنية النانو من خلال إقتراح فتح ما يسمى بالمختبرات عن بعد في كليات الجامعة المهتمة بهذه التقنية وتفعيل البحوث البينية بين الزملاء الباحثين في الجامعة، وفي تلك الفترة صرح مدير معهد ماكس بلانك للبصريات الكمية البروفيسور فيرنس كرواس خلال كلمته بعد تسلمه جائزة الملك فيصل العالمية عام 2013 من الملك سلمان – حفظه الله – عن رغبتي في إنشاء مختبر علوم الأوتوثانية في الجامعة ليصبح المختبر الوحيد في منطقة الخليج والدول العربية، وفي عام 2014م كُلفت بالإشراف على المختبر وتم الافتتاح عام 2015م.

نشاط بحثي
المختبر يضم حاليا 3 أساتذة بدرجة الدكتوراه وفني وطالب دكتوراه ويساعد فى الإشراف د. مشعل الحربي وهناك العديد من الباحثين في معهد ماكس بلانك للبصريات الكمية يقومون بزيارات بحثية متعددة للمختبر لإجراء البحوث المشتركة، وجانب آخر من البحوث البينية تجرى مع كلية الطب في الجامعة بمشاركة د. خالد الصالح مدير مركز الأورام والبروفيسور جان مارك نوبلتز من الجامعة وباحث من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية للكشف المبكر عن السرطان بواسطة الليزر، وبهذه المناسبة نرحب بالزملاء والطلاب والطالبات لزيارة المختبر والاطلاع على الأنشطة البحثية القائمة.

زملائي الأفاضل
إن «الطالب والأستاذ» هما العمود الفقري والمحور الأساسي الذي تستند إليه العملية التربوية والأكاديمية في أي مؤسسة تعليمية، وهما الطرفان الأساسيان في معادلة «إنماء المعرفة»، فالطالب هو أمل الغد المشرق لهذه البلاد، وهو «الأمانة» في يدك فأنت الوالد والأخ، أنت المربى القدوة، وأنت الأستاذ والمعلم.
سيجد في رعايتك واهتمامك وتوجيهك ومتابعتك أكبرعون بعد الله، يعرف منك كيف يثق بنفسه ويتعود على بناء شخصيته وبالتالي كيف يواجه مسؤولياته دون خوف أو تردد أو قلق، ولن يتم ذلك إلاّ بتخطيطك السليم الواعي والمسؤول والهادف منذ البداية.
جامعة الملك سعود لن تتوقف عن العمل الدؤوب لتحقيق الريادة والتميز والتنافسية محلياً وإقليمياً وعالمياً فلديها سجل كبير من الإنجاز وأهم إنجازاتنا تتمثل بكم أنتم، وبتفانيكم في العمل الأكاديمي والبحثي والإداري سنشهد جميعا بإذن الله مزيدا من الارتقاء والازدهار والتطور فى النواحي البحثية والأكاديمية.

أبنائي الطلبة والطالبات
من الواجب ونحن ننعم بالنهضة القائمة في بلادنا أن نتذكر بإجلال وإكبار جهود مؤسسي دولتنا وأن تقدروا جهود آبائكم وأجدادكم عن هذه الإنجازات وهذه النقلة التي شهدتها بلادنا وكيف توحّدت، فهذه أمور لا بد أن يعرفها هذا الجيل، حتى يعرف كيف كنا وكيف أصبحنا.
ولعلي أذكركم بأهمية الحفاظ على مكتسبات الوطن وأن تتكاتف الجهود خلف القيادة، فالوطن هو الحب، هو العطاء، هو التضحية، وهو الإحساس بالمسؤولية واحترام حقوق التربة التي نبتنا فيها وعشنا عليها، والله نسأل أن يوفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه وهو الهادي إلى سواء السبيل.
******
بوووووووووووكس

نماذج مؤثرة

إن قيمة الإنسان في هذه الدنيا هي ما يضيفه إلى الحياة بين ميلاده وموته، والفترة التي عشتها شهدت الكثير من النماذج المؤثرة فى حياتي أولها حياة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، عبر سيرته من الناحيتين الدينية والدنيوية، ثم الأخ الدكتور عبدالعزيز بن محمد الزير رحمه الله، من خلال مسيرته العلمية وماتحمله من صبر جميل وخلق كريم وتواضع وحزم دون عنف ولين دون ضعف وبذل دون انتظار الشكر والقيم والمروءة في العلم.
أما من الناحية العلمية فقد كان تأثير أساتذتي في المرحلة الجامعية له نصيب، ومؤخرا نقاشاتي العلمية العديدة منذ مايقرب من عشرة أعوام مع عالم نوبل ثيودور هانش والحائز على جائزة الملك فيصل العالمية في الفيزياء البروفيسور فيرنس كراوس، كان لها تأثير في عدة جوانب علمية.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA