ينص القانون الثالث من قوانين نيوتن في الميكانيكا أن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه. وعلى ذلك تكون القوة الأولى فعل والثانية رد فعل، والعكس صحيح.
ما دفعني للحديث عن ذلك هو أن سياسات التعامل مع أزمات الإسكان في الدول النامية تتشابه مع هذا القانون، فهي غالباً ما تكون ناتجة عن ردود أفعال لمشاكل آنية وليست مصاغة كنموذج قادر على استقراء وتنبؤ المستقبل من خلال التحليل المتعمق للوضع الراهن والمؤشرات المستقبلية.
عندما تواجهنا إشكالية ارتفاع أسعار العقار على سبيل المثال نبحث عن الوسائل والأدوات التي تعمل على ردم الفجوة بين العرض والطلب، سواء من خلال برامج التمويل أو مشاريع الإسكان، دون البحث في أصل المشكلة وأسباب ذلك الارتفاع.
أما عندما تواجهنا إشكالية النمو العشوائي على أطراف المدن نسارع في تكثيف الجهود لإزالة تلك العشوائيات سريعاً دون أن نعرف أسباب ودوافع الانتشار العشوائي! إنها سياسات أشبه بمهدئات السرعة التي نضعها على الطريق لتخفيف سرعة المركبات دون البحث في أسباب ودوافع القيادة المتهورة!
أقول نحن هنا كمن يبحث عن مسكنات أو حلول قريبة لتخفيف الأعراض وليس معالجتها.
إن التعامل مع أزمات الإسكان وفق منظور التخطيط «الرد فعلي» أو «الحلول الآنية للمشكلة» هي بمثابة معالجة لظواهر المشكلة والتي قد تتفاقم مع مرور الزمن.
فالعشوائيات على سبيل المثال حتى وإن تم إزالتها من مكان ما فسوف تظهر بالتأكيد في مكان آخر ما لم يكن هناك إطار منهجي لمعالجة المشكلة من جذورها.
ختاماً أقول إن تخطيط الإسكان يتطلب تحليل واقع النمو السكاني والموارد الحالية، ثم توقع النتائج المستقبلية ومعالجتها والتحكم بها وفق رؤية وأهداف استراتيجية عملية تتسم بدرجة عالية من المرونة لاستيعاب أي متغيرات جديدة بعيداً عن المثالية الحالمة.
د. وليد بن سعد الزامل
أستاذ التخطيط العمراني والإسكان المساعد
رئيس وحدة أبحاث الإسكان السعودي
كلية العمارة والتخطيط
Email: waalzamil@ksu.edu.sa
إضافة تعليق جديد