عبر مقدمة وستة فصول، تناول المؤلف «جوشوا وولف شانك» في كتابه موضوع الإبداع ودور العلاقات الاجتماعية في تحفيزه؛ في محاولة لفهم الطبيعة الاجتماعية للإبداع، وخلص إلى أن الوحدة الأولية والأساسية للإبداع هي «القوة الثنائية» واستشهد بالعديد من الثنائيات الشهيرة، والتي حققت نجاحًا مدويًّا في الفنون والتاريخ والعلوم والسياسة والتكنولوجيا، وكذلك في الثقافة الشعبية والأدب؛ مثل «ستيف جوبز وستيف وزنياك من شركة آبل»، «بيير وماري كوري»، و«وارن بافيت وتشارلي مانجر»، أو «فينسنت وثيو فان جوخ»، و«جون لينون وبول مكارتني».
«العبقري الأوحد» أسطورة
واستعان المؤلف في دراسة هذه الظاهرة بنتائج علم الأعصاب، وعلم النفس الاجتماعي، والتاريخ الثقافي، فذكر أن أسطورة “العبقري الأوحد” التي نمت شعبيتها في عصر التنوير، واستمرت لعدة قرون، وكانت هي النموذج الأولي لتفسير عملية الإبداع، معتبداً أن هذه الفكرة جميلة ومن السهل إدراكها والاقتناع بها، لكنها «خيالية» قائلاً إن هذا النموذج ذاتي المنشأ يعتبر خيالًا وغير واقعي، ويحجب الصفات الاجتماعية للابتكار، وأنَّ البديل الأكثر واقعية لفهم هذه الفكرة هو «الإبداع الثنائي» بين شخصين وغالبًا ما يكون أحدهما في الظل والآخر في الواجهة.
وحدة الإبداع الأولية
واستشهد بقول عالم الاجتماع مايكل فاريل: “إن الثنائي هو الوحدة الإبداعية الأولية” معلقاً على ذلك بالقول «هذه الفكرة صحيحة، ولكنها علاقة معقدة، ومن الصعب إدراكها في الحياة اليومية، وتحدث عن طبيعة ثنائية التفرع المرنة في العملية الإبداعية، وذكر أن الثنائي المبدع يعتمد على الاتصال الاجتماعي دائمًا، وأن هناك أنواعًا كثيرة لتعزيز هذه العلاقات لقدح شرارة الإبداع، وأنه عند إضافة شخص أو أكثر إلى هذا المزيج، قد يصبح العمل أكثر استقرارًا، ولكن الإبداع يختنق»!
6 مراحل
وبعد دراسة لعدد كبير من الحالات الثنائية على مر التاريخ، خلص المؤلف «جوشوا وولف شانك» إلى أن هناك ست مراحل وسمات أساسية تميز العلاقة بين الثنائي المبدع، تبدأ بالالتقاء ثم الاقتران، ثم المماثلة، فالمسافة الفاصلة، ثم مرحلة اللعبة اللانهائية، وأخيراً الانقطاع.
أولًا- الالتقاء: وهي مرحلة حدوث التعارف بين الثنائي واحتواء الاختلافات بينهما فيما يسمى “بالمغناطيس” أو قوة التجاذب بين الأشخاص ذوي الاهتمامات المشتركة.
ثانيا- الاقتران: وهنا تعزز القواسم المشتركة بينهم، وتتطور الثقة بعد فترة معينة من الزمن، وفي هذه الأثناء يصوغ الثنائي المبدع لغتهما الخاصة، التي لايفهمها غيرهما، وتكون غامضة على الآخرين.
ثالثاً- المماثلة: والتي يبدأ فيها تكوُّن العملية الإبداعية.
رابعاً- المسافة: حيث تتلاشى مسافات المكان والزمان بينهما، وتنضج الأفكار والخبرات.
خامساً- مرحلة اللعبة اللانهائية: وفي هذه المرحلة تظهر المنافسة بين الثنائي؛ الأمر الذي يمثل “مسمارًا في نعش” العلاقة بين الثنائي، ولكنها لحسن الحظ لا تخلو من جوانب إيجابية.
سادساً- المرحلة السادسة والأخيرة هي الانقطاع: حين ينتهي دور كل منهما أو تنتهي العلاقة الإبداعية بينهما ولكن يبقى الأثر.
إضافة تعليق جديد