إذا كان يوجد لدى غيرنا من الدول العديد من هيئات التقويم والاعتماد الأكاديمي المتميزة ولديها شراكات مع عدة جهات أخرى في دول الشرق والغرب، فلماذا لا يكون لدينا في المملكة العربية السعودية هذا التنوع في هيئات التقويم والاعتماد الأكاديمي المتميزة؟ وهل يمكن لجامعة الملك سعود أن تكون حاضنة لواحدة من تلك الهيئات عن طريق الشراكة سواء الوطنية منها أو الدولية؟
في تصوري أن جامعتنا مرشحة بامتياز لاحتضان مثل هذه الهيئات من خلال شراكات نوعية، فعملية ضمان إدارة الجودة موجودة فعليًا منذ سنوات وتتم ممارستها بشكل مستمر على نطاق داخلي يختص بتقييم جودة أداء برامج الجامعة الأكاديمية، وهي تعتمد نفس معايير الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي تقريبا مع تنوع أكثر في مؤشرات الاداء.
منذ عام ٢٠١٢ عكفت عمادة التطوير والجودة على عقد برنامج نوعي لإعداد مقيمي ضمان إدارة الجودة على يد مدربين وخبراء دوليين؛ وقد تم تدريب وتخريج دفعات متميزة من المقيمين المعتمدين خلال تلك السنوات، وتم تأسيس مجلس الجامعة لمقيمي ضمان إدارة الجودة والذي يبلغ عدد أعضائه أكثر من سبعين عضوًا من الرجال والنساء حتى الآن، وتقوم العمادة كذلك وبشكل متوازٍ بعقد ورش تنشيطية دورية لأعضاء ذلك المجلس وتكليفهم بتقييم برامج الجامعة المختلفة للجمع بين الجانب النظري والممارسة العملية.
والجميل في الأمر أن هؤلاء المقيمين هم من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة وينتمون لبرامج أكاديمية متنوعة تلبي كافة التخصصات، وقد كُلفت ونخبة زملائي وزميلاتي من أعضاء هذا المجلس بتقييم العديد من برامج الجامعة الأكاديمية خلال السنوات الماضية بالآليات والممارسات نفسها أو قريبًا منها المتبعة من قبل مقيمي الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي وهيئات التقويم والاعتماد الدولية.
إن عقد مثل هذه الشراكات بين الجامعة وهيئات التقويم والاعتماد الأكاديمي تحت مظلة وكالة الجامعة للتطوير والجودة وإشراف عمادة التطوير والجودة سيكون لها ثمرات عدة، لعل من أهمها تخفيض نفقات طلب الاعتماد الأكاديمي أو تجديده لبرامج جامعتنا التي تبلغ المئات من البرامج لاسيما بعد تحول الجامعة لبرنامج التشغيل الذاتي وأهمية ترشيد النفقات.
كما أتوقع أن تكون هذه الشراكات رافدًا ماليًا سخيًا للجامعة لأن كثيرا من برامج الجامعات الأخرى والكليات والمعاهد تمكث على قائمة الانتظار مدة طويلة في بعض هيئات التقويم والاعتماد عند التقدم للاعتماد، ومن خلال هذه الشراكات يمكن لتلك الهيئات ولتخفيف شيء من العبء الذي على عاتقها أن تستعين بالجامعة، وحينها لن تحتاج الجامعة للتعاقد مع مقيِّمين من الشرق أو الغرب بمبالغ باهظة وتذاكر طيران دولي وسكن وخلافه، بل إن المقيِّمين سيكونون من الكوادر المؤهلة من أعضاء مجلس المقيمين، وتقييمهم سيكون بإذن الله ذا جودة عالية وسيتضح ذلك جليًا للجهات المتقدمة من خلال الزيارات الميدانية التي سنقوم بها والتقارير النهائية التي سنكتبها عن الدراسات الذاتية ومتطلبات الاعتماد لتلك البرامج المتقدمة للاعتماد.
أخيرا وليس آخر، أعتقد أن مكونات البنية التحتية لإنشاء مثل هذه الشراكات متوافرة في جامعتنا بشكل كبير، وقد يعزز الجانب التقني فيها وجود برنامج «إتقان» النوعي الذي يصلح أن يكون منصة التقدم لطلبات الاعتماد بعد شيء من التحديث والتطوير، أو استحداث برنامج مرادف له بما يتناسب مع هذا التحول الذي تشهده جامعتنا العريقة.
ولا تدري، فلعل هذا المجلس يكون نواة لتأسيس هيئة تقويم واعتماد أكاديمي مستقلة أو هيئة استشارية تابعة لجامعة الملك سعود، والله تعالى أعلم.
د. شافي القحطاني
كلية اللغات والترجمة
عضو مجلس المقيمين بالجامعة
إضافة تعليق جديد