تسعة أعشار العافية في التغافل

رُوي عن الإمام ابن حنبل أنه سئل: «أين نجد العافية؟» فقال: «تسعة أعشار العافية في التغافل عن الزلات».
التغافل فن من فنون الحياة لا يتقنه الكثيرون، فهو فن صعب ومعقد، يحتاج إلى ضبط النفس وحساب العواقب، وهو ليس بمهارة سهلة بل تحتاج إلى تدريب وتطوير لتصل للشكل المطلوب، فبعض الناس يولدون بمزاج متأنٍ، فيكون التجاهل موافقا لطبيعتهم. أما أصحاب الأمزجة النارية أو «المجاكرة» فهم في حاجة ماسة لتدريبات مكثفة في فن التجاهل.
والتجاهل فن يقوم على حساب دقيق فهو في ظاهره يمكن أن يبدو غباء أو غفلة، ولكنه في الحقيقة حكمة وصبر وذكاء وتخطيط، فليست كل هفوة تحتاج إلى تدخل، وليست كل زلة أيضا يمكن التغاضي عنها، ولذا فإن التغافل يمكن أن يكون من أهم مهارات الحياة.
الأب والأم المتغافلان عن الهفوات الصغيرة يكسبان أبناءهما على المدى الطويل أكثر من أولئك الذين لا يتركون شاردة ولا واردة إلا ويعاقبون عليها، وهذا ينطبق على العلاقات العائلية والإنسانية كافة.
إحدى الطالبات المتفوقات حصلت في الفيزياء حصلت على بعثة في إحدى الجامعات البريطانية لدراسة الدكتوراه، وكانت أصغر الطلاب سناً والفتاة الوحيدة في ذلك القسم، لذا كانت تتعرض لبعض التعليقات إما الجارحة أو الساخرة أو أحيانا المتحرشة، وكانت تواجه كل ذلك بالتغافل، فعندما تسمع ما لا يعجبها تظهر وكأنها لم تسمعه أو لم تفهمه.

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA