ضبط الساعة البيولوجية لزيادة التحصيل الدراسي

 

 

بعد انتهاء العطلات قد يعاني الكثير من قلة النشاط والصداع والرغبة في النوم نتيجة عدم انتظام الساعة البيولوجية مما يؤثر سلبًا على أداء العمل والتحصيل الدراسي، لذا لابد من العمل على إعادة ضبط الساعة البيولوجية بتنظيم مواعيد الاستيقاظ والنوم والتعرض لكميات مناسبة من الضوء والظلام، وهذا يعد ضروريًا لعمل الغدة الصنوبرية في الدماغ التي تتحكم في إيقاع «الساعة البيولوجية».

بانتظام الساعة البيولوجية تنتظم وظائف الجسم بإفراز الميلاتونين والعديد من المواد الكيميائية الأخرى ارتفاعاً وانخفاضاً على مدار اليوم، مما ينتج عنه إيقاع صحيح لوظائف الجسم باليقظة نهارا والنوم ليلا.

تعمل الساعة البيولوجية كالتالي: من الساعة   9 إلى 11 مساءً يعمل الجهاز الليمفاوي على تخلص الجسم من السموم، من الساعة 11 مساءً الى 3 صباحًا يعمل كل من الكبد والمرارة على تخليص الجسم من السموم، ويعد هذا الوقت مثاليًا للنوم العميق.

كذلك من الساعة 3 الى5 صباحًا تتخلص الرئة من السموم وقد يزيد السعال في هذا الوقت، وعند الساعة 5 فجراً يتخلص الجسم من الفضلات وينصح مرضى الجهاز الهضمي والبولي بالاستيقاظ في هذا الوقت للتخلص من الفضلات.

ويعد النوم والاستيقاظ في وقت ثابت والحصول على قدر كافٍ من النوم ليلاً بمتوسط 8-7 ساعات ضروريًا لضبط الساعة البيولوجية، وبهذا تنتظم دورات النوم والإحساس بالجوع والشبع ويتحسن عمل الجهاز الهضمي والتمثيل الغذائي والحافز الداخلي والصيانة الداخلية للجسم وعمل المخ والمهارات الخاصة والقدرات المعرفية والتحصيل الدراسي.

وعلى مدار اليوم يحدث اختلال الهرمونات خاصة «الأدرينالين والكورتيزون»، لذا يحتاج الإنسان «للقيلولة» التي يجب ألا تزيد عن 30 دقيقة لتساعد الجسم على إعادة ضبط الساعة البيولوجية وتمكينه من بدء دورات جديدة من النشاط الدماغي وزيادة القدرة على العمل والتحصيل الدراسي.

اختلال عمل الساعة البيولوجية يؤثر سلـباً على وظائف الجسم والصحة العامة، فيحدث الأرق والاكتئاب ومتلازمة الأيض والسرطانات وأمراض المخ وعدم التركيز وقلة التحصيل الدراسي وغيرها من العواقب المدمرة الأخرى المصاحبة لقلة النوم، حيث إن الأرق لليلة واحدة يرفع مستوى بروتين التاو في الدماغ وهو العلامة الرئيسية للزهايمر ويسبب تدمير الدماغ وفقدان الذاكرة وقلة التحصيل الدراسي.

التعرض الكافي لضوء الشمس يسهم في ضبط الساعة البيولوجية، فتنشط وتمتص المواد المفيدة للجسم وتخرج من الجسم السموم والبروتينات الضارة على المخ. كما تعمل الأشعة فوق البنفسجية على تحسين الدورة الدموية والخواص الانسيابية للدم وتنشيط فيتامين «د» وتحفيز خلايا الميلانين وإصلاح الحمض النووي وإفراز البيتا إندورفين مما ينتج عنه زيادة القدرات الذهنية والمعرفية.

يعد الحفاظ على الإيقاع البيولوجي السليم «السر الخفي» للتمتع بالصحة والشباب الدائم وتنمية القدرات المعرفية. كما يعد تناول الغذاء الصحي المتوازن ضروريًا لتعزيز الإيقاع البيولوجي فتعد البروتينات والموز والمكسرات من الأطعمة الضرورية لعمل الجهاز العصبي وتحفيز الميلاتونين. كذلك تناول الكربوهيدرات يزيد من امتصاص التريبتوفان الضروري لتخليق الميلاتونين والسيروتونين، لذا يعد الحليب بالعسل من معززات الذاكرة والتحصيل الدراسي. كما يحتوي الكيوي على السيروتونين الذي يتحكم في العديد من وظائف الجسم الحيوية وتنظيم دورات النوم والاستيقاظ ويحمى من الأرق. كما أن الأسماك تحتوي على فيتامين «د» وأحماض أوميجا 3 التي تعزز إنتاج السير وتونين.

أيضا من العوامل المساعدة على التحصيل حب الدراسة والاستمتاع بها وتحقيق الأهداف وتنظيم الوقت والعلاقة الجيدة مع الزملاء والاساتذة، كذلك استعمال الإضاءة المناسبة والحرص على الوضعية الصحيحة للجسم أثناء المذاكرة. كما يمكن الحفاظ على صحة الدماغ من خلال الحفاظ على النشاط العقلي والبدني، والحفاظ على وزن صحي، وعدم التدخين.

كل ذلك يؤدى إلى اتزان إفراز هرمونات الميلاتونين والإندورفين والسيروتونين وضبط الساعة البيولوجية مما ينتج عنه النجاح والتفوق والإحساس بالرضا والوقاية من الأمراض بإذن الله.

 

أ. د. جمال الدين إبراهيم هريسه

أستاذ الكيمياء الحيوية والتوجيه الدوائي 

كلية الصيدلة - جامعة الملك سعود 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA