تقبل النقد ثقة بالنفس

يتفق علماء الاجتماع وأخصائيو التنمية البشرية أن الشخص الواثق بنفسه حقاً يتقبل نقد الآخرين، ويسعى للاستفادة من ذلك النقد لتطوير نفسه وتدارك أخطائه، انطلاقاً من إيمانه بأن «كل ابن آدم خطاء» وأن الكمال لله وحده.

انطلاقاً من هذه الحقيقة، لا بد أن نقبل كل نقد بناء، وكل نصيحة نافعة، من أي وعاء خرجت، فالحكمة ضالة المؤمن، أنَّى وجدها فهو أولى الناس بها، ولا بد أن تتَّسِع صدورُنا للنقد البنَّاء؛ من أجل إصلاح مسارنا، ودربنا الذي نسلكه.
إننا اليوم أمام معضلة فكرية قد تصاحب الكثير منا، وهي الرغبة في فضح المخطئ والمسيء، وعلى الطرف الآخر تجد الإصرار على الخطأ، وإلقاء كلِّ نصح ونقد مِن وراء الظهر، فطرف يُجرِّح ويُشهِّر ويفضح، وطرف آخر يدافع عن نفسه بالباطل، ويتَّهم غيره بالجهل، ولا ندري متى يلتقي هذا وذاك على كلمة سواء.
 إن ديننا الإسلامي بيَّن لنا كيف تكون النصيحة، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحَيْهما عن تَميم بن أوسٍ الداري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة))، قلنا: لمَن يا رسول الله؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامَّتِهم)).
إن مِن أدب النصح البنَّاء أن يكون مستترًا؛ لأن طبيعة النفس تجعلها تأبى التعالي عليها، وإظهارها في مظهر النقص، حتى ولو كان هذا النصح مفيدًا لها، قال الشافعي رحمه الله:
تعمَّدْني النَّصيحةَ في انفرادي
وجنِّبْنِي النَّصيحةَ في جماعهْ
فإن النصحَ بين الناس نوعٌ
مِن التوبيخِ لا أرضى استماعَهْ
فإِنْ خالَفْتَني وعَصَيتَ قولي
فلا تغضَبْ إذا لم تُعْطَ طاعهْ
إن ديننا الإسلاميَّ - بشرائعه وشعائره - يهدف إلى استقامةِ الناس على طريق الحق والهدى، وهذا لا يأتي إلا بالنصح المتبادَلِ المستمرِّ، والنقد الهادف البنَّاء، عند ذلك ينجح الفرد، وينجح المجتمع، وتنجح الأمه في كل ما تهدف إليه من خير ورفعة.

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA