تحدثنا في عدد سابق عن بعض المركبات الكلورينية وتأثيراتها البيئية باختصار، وكان حديثنا بالتحديد عن «Chloroform الكلوروفورم» و«غاز الخردل Mustard Gas»، وفي هذا العدد سيكون حديثنا عن «الدايوكسين Dioxin» وهو من أكثر المواد الكيمياوية العضوية السامة المعروفة للعلم فتكاً وتهديداً للصحة العامة، وهذه المادة من الملوثات الثابتة بيئياً كما أنها تتراكم في السلسلة الغذائية وفي النسيج الدهني الحيواني بالدرجة الأولى، وهي مسؤولة عن الإصابة بأمراض عديدة ومنها السرطان، وتكمن خطورتها في أننا لا نعلم بالضبط المستويات أو التركيزات الآمنة لها.
والدايوكسين كلمة تُشير إلى مجموعة تتكون من مئات من المواد الكيماوية والتي تبقى وتدوم لفترات طويلة في البيئة، لأن الدايوكسين لا يتفاعل مع الأوكسجين، ولا يتفاعل مع الماء، ولا يتحلل بفعل البكتيريا، ويرتبط بالمركبات العضوية في التربة ومن ثم يصعب التخلص منه.
الدايوكسين لا يذوب في الماء ولكنه يذوب في الدهون والشحوم، ولهذا السبب فإنه يتركز في جسم الإنسان في النسيج الشحمي والكبد، وكذلك في الحيوانات التي تشكل مصادر غذائية للإنسان.
وتتكون مركبات الدايوكسين كمنتج ثانوي غير مقصود من العمليات التصنيعية التي تتضمن الكلورين ومنها: حرق المركبات الكيماوية ذات القواعد الكلورينية مع المركبات الكربونية الهيدروجينية، وهنا يكون مصدر الدايوكسين الرئيسي في البيئة هو مراكز حرق النفايات «القُمامة» بمختلف أنواعها، مُبيدات الحشرات، حرق الفحم الصناعي حيث إن إحدى المواد المنبعثة منه مادة الدايوكسين، صناعة البلاستيك بولي فينايل كلورايد وعند حرق منتجات البولي فينيل كلوريد أو أي مركب كلوريني آخر فإن من بين الكيماويات المنطلقة يتكون الدايوكسين.
ومن المعلوم أن الدايوكسين مسبب سرطاني للإنسان بالإضافة لأضراره الأخرى، ومن بين جميع الكيماويات السامة يُعتبر الدايوكسين أكثرها شهرة، حيث يتحد مع دهن جسم الإنسان ويكون التعرض الأساسي للدايوكسين خلال الأغذية وخصوصاً المنتجات الحيوانية: اللحوم، الدواجن، منتجات الألبان المختلفة، لبن ثدي الأم الملوث بالنسبة للأطفال الرضع، وبالتالي يدخل الدايوكسين السلسلة الغذائية، ومن المعلوم أن أيض هذه المواد وعملية إخراجها من جسم الإنسان تكون بطيئة.
90 بالمائة أو أكثر من التعرض للدايوكسين يكون من خلال الأغذية وخصوصاً الحيوانية منها كما ذُكر سابقاً، لكن ثبت أن حليب الأم الملوث بالدايوكسين له دور كبير في تعرض الأطفال الرضع لتناول الدايوكسين عن طريق حليب الأم الملوث بالدايوكسين، وبالمناسبة قد تكون غير سارة لمحبي الشاي، أثناء بحثي في الشبكة العنكبوتية عن مقاطع فيديو تتحدث عن الدايوكسين وجدت أحدها يحذر من استخدام أكياس الشاي أو أي عشب آخر موضوع في أكياس خاصة.
عند الرغبة في عمل شاي فإنه يُنصح بتفريغها من محتواها في الكأس أولاً، ومن ثم صب الماء المغلي على الشاي، وذلك لأن سكب الماء الساخن على كيس الشاي المحتوي على الدايوكسين من أجل التبييض فإن ذلك يُحفز عمل الدايوكسين كمادة مسرطنة، حيث إنه عند درجة حرارة 70 درجة مئوية يُصبح مسرطناً فما بالك بالماء المغلي ويُفضل استبدال أكياس الشاي بأوراق الشاي العادي.
أ. نسيم منصور آل أيوب
كلية العلوم – قسم الكيمياء الحيوية
ماجستير العلوم في العلوم البيئية
إضافة تعليق جديد