كثيرًا ما يدور نقاش ساخن حينما تطرح أسئلة عن أسباب عدم استخدامنا في السنوات الأخيرة للفراغات الخارجية «الأحواش» مثلما كانت تستخدم في السابق، كثيرون يحتجون بأن السبب هو الجو غير المناسب.
لا شك أن الجو في معظم أجزاء بلادنا يميل للحرارة في كثير من أوقات السنة، ولكن ينبغي ألا ننسى أن لدينا ثلاثة أشهر في فصل الشتاء، يكون الجو فيها باردًا أو معتدل البرودة، أما فصلا الربيع والخريف فيكون النهار فيهما مائلاً للحرارة، ولكنها ليست شديدة مثل الصيف، بينما تكون فترات المساء في الغالب معتدلة وجوها لطيف، ومع ذلك كله، نجد أن قليلًا من الناس يستخدمون الفراغات الخارجية للجلوس أو لاستقبال الضيوف أو غير ذلك من الأنشطة الاجتماعية.
بالنسبة للصيف، فإننا نجد كثيرًا من الناس حينما يستأجرون استراحة حتى في فصل الصيف فإنهم قليلاً ما يجلسون في الغرف المكيفة، بل يفضلون الجلسات الخارجية فيها، خاصة حينما تكون مطلة على مسبح أو ملعب أطفال أو حديقة.
وهذا الأمر يؤكد أن الجو ليس وحده المسؤول عن قلة استخدام الفراغات الخارجية في بيوتنا، بل إنها في الغالب لا تكون مهيأة اجتماعيًا لتلك النشاطات، خاصة ما يتطلب الخصوصية البصرية أو السمعية، حيث تكشف نوافذ بيوت الجيران المحيطة جزءًا لا بأس به من تلك الفراغات، كما يستطيع أي شخص في حوش الجيران أن يسمع حديث جيرانه بسهولة، وكأنها ليست معزولة إلا بستارة رقيقة!
من عاشوا في بيوت الطين، يتذكرون كيف كان «الحوي» أو فناء المنزل الداخلي أكثر مكان تمارس فيه الأنشطة الأسرية، منذ الاستيقاظ في الصباح الباكر وحتى وقت النوم، وما ذاك إلا لأنه كان فراغًا يتمتع بخصوصية عالية، صوتيًا وبصريًا.
د. محمد بن عبدالعزيز الشريم
أستاذ العمارة والسلوك البيئي المشارك
كلية العمارة والتخطيط
إضافة تعليق جديد