الروبوتات البرمجية، والتي يعرف الواحد منها باسم «بوت» bot، هي برمجيات تستخدمها المؤسسات بدلاً من العمالة الكثيفة لأتمتة المهام الروتينية التي تحكمها قواعد محددة، حيث يتم إدماجها في ما هو موجود بالفعل من نظم معلوماتية لإتمام الأعداد الضخمة من المعاملات المتماثلة والمتكررة بشكل أسرع وأرخص، بما يوفر مساحة أكبر من الوقت للمهام التي تحتاج لإعمال الذكاء الإنساني، فيستطيع الموظفون الذين كانوا يقومون بهذه المهام الروتينية أن يكونوا – على سبيل المثال- أكثر تفاعلاً مع العملاء وأكثر استعدادًا للاستجابة الذكية لمتطلباتهم.
وهي تختلف عن الروبوت، الذي يتم فيه تركيب البرمجيات الحاسوبية على كيانات آلية فتستطيع القيام بالعديد من المهام بدلاً من الإنسان، وخصوصًا المهام الخطيرة أو الدقيقة مثل البحث عن الألغام أو التخلص من النفايات المشعة أو غير ذلك.
أحد العوامل التي تعكر صفو انتشار الروبوتات البرمجية في المؤسسات، وتجعل من الصعب فهم دورها، هو أن بائعيها يغمرونها بكثير من الضجيج الذي يشوش على العملاء، فهم ممن ينطبق عليهم المثل الذي يقول: إذا لم يكن لديك إلا مطرقة فستتعامل مع أي شيء على أنه مسمار، حيث يدعون أنها ذات قدرات تفوق حقيقة ما يمكنها القيام به، وثمة من يلجأ منهم للمقارنة بينها وبين النوع الأشهر للأتمتة وهو أتمتة نظم الأعمال Business Process Automation بالرغم من الفارق الشاسع بينهما.
فالروبوتات البرمجية هي مجرد أدوات يمكنها أن تلعب دورًا أوليًا في استراتيجية الأتمتة التي تستهدف تحسين النتائج، فيمكن استخدامها - بشكل أساسي - في ما يمكن أن نطلق عليه التطبيقات التكتيكية؛ مثل تسجيل الدخول إلى أنظمة تكنولوجيا المعلومات، أو نسخ البيانات من أحد الأنظمة ولصقها في نظام آخر، أو ملء النماذج ذات الحقول الثابتة التي تمثل الخطوة الأولى في دورة الأعمال، أو غير ذلك؛ إلا أنها لا تكون ملائمة في المراحل اللاحقة التي قد تتطلب التدخل البشري في الأعمال، وخصوصًا حين يحتاج الأمر إلى اتخاذ قرار إدراكي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المؤسسات الآن تضع العملاء في محور اهتماماتها، لذلك يعتبر تحسين سبل الاستجابة لطلباتهم أمرًا أساسيًا، ومن ثم فإن الجمع بين البشر والتكنولوجيا في إطار واحد للأتمتة يعتبر التوجه الأمثل الذي ينجح في الوصول إلى درجة عالية من رضا العملاء.
وفي هذه البيئة، يحتاج الأمر إلى تكامل أعمق مع أنظمة تكنولوجيا المعلومات القائمة، وهنا تلعب أتمتة أنظمة العمل business process automation الدور الأكبر في هذا الشأن.
ورغم ذلك، فهناك تفاؤل بأن الروبوتات البرمجية يمكنها أن تفتح الطريق لدمج الذكاء الاصطناعي ومهام التحليلات العميقة للبيانات مع مهام سير العمل المعقدة بشكل كبير، إلا أن الطريق لا زال في أوله بحيث يصعب تصور ذلك في الوقت الراهن، حيث إن العديد من المؤسسات ما زالت تكافح لاستخدام أبسط تطبيقات الروبوتات البرمجية في عمليات الأتمتة الأساسية.
أ. د. جبريل بن حسن العريشي
عميد التطوير والجودة
أستاذ علم المعلومات
عضو مجلس الشورى السابق
إضافة تعليق جديد