الأساتذة يعدون بمثابة الآباء لتلاميذهم في تربيتهم وإرشادهم إلى الجهة الهادفة في الدراسة والأدب والتحلي بمكارم الأخلاق، ويقومون بدور بارز في تقدمهم العلمي والاجتماعي وتحول حياة البعض من التعاسة إلى السعادة.
الأستاذ الحقيقي يقدم الدعم لتلميذه ويعطيه الهمة العالية بأقوال رائعة وتوجيهات قيمة، وكل ذلك باستراتيجيات عميقة؛ حسب احتياج الطالب، فقد يطلب منه الجهد والعمل الكثير بقدر ما يتحمله وينمي موهبته العلمية وينبه على الأخطاء.
إذا قرأنا عن حياة كثير من العلماء الذين كان لهم دور بارز في المجتمع نجد أنهم تأثروا بأساتذتهم الذين يذكرونهم دائما بذكر حياتهم العلمية لأنهم حققوا النجاح في ضوء إرشاداتهم وتوجيهاتهم وتدرجوا إلى هدفهم المنشود، وفي كل ذلك يرجع الفضل إلى هؤلاء الأساتذة المخلصين.
ونحن كطلاب نشاهد هذه الظاهرة، ندرس ونلاحظ تعامل الأستاذ ورغبته وحثه الطلاب على الجهد والاجتهاد، ووجدنا أمثلة كثيرة للأساتذة الذين شجعوا وقدموا كل الدعم لأجلنا، وحتى نستفيد منهم بعد رحيلنا عنهم، نتوتر ونتعب وفي بعض الأحيان نلجأ أن نترك الدرس ولكن الأستاذ البارع لا يُدرِّس فقط بل هو يَدرُس أوضاع الطلاب ويعمل على فكرة «الضعيف أمير الركب» حتى يعطيهم الأوقات الإثرائية إسداء للمعروف، وإحسانا لهم.
قابلية الأستاذ وبراعته تساعد الطلاب في إقناعهم، فهو يلقي كلماته بكل صراحة وتأثير حتى لا يترك فجوة في الدرس، ويفتح آفاق أذهانهم نحو الطلب الأكثر، ويلهمهم لينشأ في قلوبهم أبواب الأسئلة فيوجهون الأسئلة فيجيبهم ويقنعهم ويشبع نهمهم ويدفعهم نحو الاستفادة من الكتب الموجهة في ذلك الباب وينصحهم بمراجعة المكتبات.
أذكر قول أحد الأساتذة الأفاضل لطلابه «لا بد أن تذهبوا إلى المكتبات ولو لم تقرؤوا شيئا، يكفي - مبدئياً - أن تنظروا بين رفوف الكتب وأسمائها ومؤلفيها فإنها تفيد يوما ما أو يجلب نظرك بعض الكتب» وبالفعل استفدت من هذه التجربة.
الأستاذ الجيد لديه موهبة لفحص قابلية الطلبة وأوضاعهم، وهذا يسهل له التعامل معهم، وزيادة رغبتهم نحو القراءة بحيوية وفاعلية في المواد التي يدرسها أو استخدام كل التقنيات التي تفيد الطلاب.
وقد شعرنا من بعض الأساتذة أنهم يأتون إلى الدرس كأنهم أتوا دفعاً، لا حياة في تدريسهم، ومنهم من يستطردون كلاما لا يفيد ويتيهون في الأودية خارجا عن نطاق الموضوع والدرس حتى ينتهي الوقت ثم يرجعون ويأخذون من الأوقات ما لا يستحقون ولا يبالون بطبيعة الطلاب حتى تتعب منهم القلوب.
ومنهم من يوجزون إيجازا مخلا يعقدون الكلام على الطلاب ويتركون الدرس مبكرا يفرح الطلاب به، ولكنهم يقعون في ورطة عندما يدق الاختبار أبوابهم، ومنهم من لا يراعون مستويات الطلاب ويشرحون كل ما في أذهانهم عن الموضوع بكثافة ومادة علمية غزيرة للمبتدئين مما يشوش الأذهان وتنفر منه النفوس.
عصارة القول أن الأستاذ الجيد يراعي في طلابه أوضاعهم ويتعامل معهم بشفقة وينهج منهجا وسطا ويشرح الدرس حسب مستوياتهم، ويتعامل معهم بشدة عندما يلاحظ الإهمال من الطلاب تربية لهم ونصحا، ويحترم آراء الطلاب ويشجعهم بأشكال متنوعة، يربي الطلاب وينمي مواهبهم، وهذا الشيء يعزز لديهم الرغبة بالتعلم والتزين بزينة العلم وخدمة الأمة والمجتمع والمساهمة في الإضافة العلمية الراقية.
جنيد يوسف عبدالرقيب
طالب في قسم اللغة العربية
كلية الآداب
الهند
إضافة تعليق جديد