«اليوم» يفتخر الطالب أو الطالبة بالجامعة التي يدرسون فيها، و«غداً» الجامعة تتباهى بهم بعد أن يصبحوا إضافة نوعية في خدمة المجتمع وسوق العمل.
هذه المعادلة تلخص العلاقة الجدلية بين الجامعة وطلبتها قبل التخرج وبعده، فهؤلاء الذين يحملون اسم الجامعة يمثلون إسهام الجامعة نفسها في التنمية، ويعكسون مقدار عطائها في خدمة الوطن، ويعززون مكانة الجامعة في المجتمع، لذلك لا بد من إيجاد رابطة مستمرة ومستدامة بين الخريج والجامعة.
الجامعة بحاجة إلى أن تكون رابطتها بخريجيها رابطة عاطفية، كرابطة الأولاد بأبيهم أو أمهم، يعود الولد إلى أبيه أو أمه ويخبرهم بما حدث له، وتنتظر الأم أخبار ولدها وحكاية تجاربه بكل شوق، وينظر الأب إلى أنشطة ولده وإنجازاته بكل فخر، ويتحدث عنها بتقدير، كذلك الجامعة نريدها أن تؤسس لروابط عاطفية أسرية مع خريجيها، تتحدث عنهم بفخر، وهم يتحدثون عنها بامتنان وولاء، فالجامعة بيتهم الذي يعودون إليه باستمرار.
ولا تقتصر تلك الرابطة على الأواصر العاطفية، بل إنها تكون نقطة انطلاق لبناء شراكة مثمرة بين الجامعة وخريجيها من ناحية، وبين الخريجين بعضهم مع بعض من ناحية أخرى، وهذه الشراكة لها عوامل قوية تدعمها وتعززها، مما يسهم في خدمة المجتمع وتنمية الوطن، ويسهم في تحقيق مشاريع نوعية للوطن.
والخريج ليس ذلك الشخص الذي درس في الجامعة فقط، بل كل من درس فيها أو عمل باحثا أو التحق بالعمل الإداري فهو خريج؛ لأن الجامعة مثلت له بيئة عمل حقيقية لتطوير نفسه، ومكنته من منظومة من الأدوات والوسائل والعلاقات التي انتفع بها.
من المبادرات الجيدة التي حققتها جامعة الملك سعود افتتاح مركز الخريجين، الذي نص في أهدافه على توثيق الروابط مع الخريجين، وبخاصة القياديين منهم، وإشراكهم في فعاليات الجامعة، وثمة أكثر من جامعة بدأت تنشئ مثل هذه المراكز، ولكننا بحاجة إلى إطلاق مبادرة «بيتنا الجامعة» كرابطة للخريجين، تعنى بتفعيل التواصل والروابط بين الجامعة وخريجيها، وجامعتنا تزخر وتفخر بقيادات وشخصيات أسهمت في عمليات التنمية في مجال الإدارة الحكومية والصناعة والتجارة ومختلف الأعمال الرائدة، وكثير منهم لديه مبادرات ومشاريع خلاقة، أسهمت في خدمة المجتمع، ووظفت كثيراً من الطاقات والكوادر، تفخر بهم الجامعة وهم لن ينسوا فضلها عليهم.
نريد برنامجا خاصا للخريجين يقوم برصد الخريجين الذين مثلوا قيمة مضافة للوطن، وإبراز إنجازاتهم، وتفعيل التواصل معهم، وإنشاء قاعدة بيانات محدثة، ثم الإفادة من ذلك في تحقيق الشراكات والتعاون المستمر.
وندعو إلى إقامة مؤتمر سنوي خاص بخريجي الجامعة، سواء الخريجين من السعوديين أو من غير السعوديين ممن تسنموا في بلدانهم مناصب قيادية واضطلعوا بأدوار ريادية في مختلف المجالات، وتوثيق كل ذلك في إصدارات دورية، تبرز إنجازات الخريجين، وتحكي تجاربهم، ويمكن إصدار مجلة دورية خاصة بذلك.
ويكون من مهام رابطة الخريجين أن تستثمر الجامعة نجاح خريجيها إعلاميا، فهذا كما هو تسويق لهم فإنه تسويق للجامعة، وإبراز الصورة الذهنية الإيجابية عن دور الجامعة وراء تلك الإنجازات، وهذا من شأنه إيجاد النماذج والتجارب للخريجين الجدد، وللطلبة الذين لا زالوا في الجامعة، ويفتح آفاقا مستقبلية لهم، فمثل هذه المشاريع ترسخ ولاء الخريج للجامعة، وتعزز حضور الجامعة في المجتمع.
د. عادل عبدالقادر المكينزي
قسم الإعلام
إضافة تعليق جديد