أحكام جلسات مجالس الجامعة «2 -3»

 

 

استعرضنا في المقال السابق الأمور الشكلية التي يجب أن تتوافر في مجالس الجامعة حتى تكون اجتماعاتها صحيحة، والقواعد التي تحكم الدعوة إلى اجتماعات المجالس، وفي هذا الجزء نكمل القواعد العامة المتعلقة باجتماعات مجالس الجامعة.

من يحق له حضور الجلسة:

نصت المادة الثامنة من النظام على أن يعقد مجلس شؤون الجامعات اجتماعاته، ولا يصح انعقاد الاجتماع إلا إذا حضره ثلثا الأعضاء على الأقل، فنص على حضور الأعضاء فقط، ونفس النص ورد في جميع المواد الخاصة بالمجالس؛ فلا يحق حضور الجلسة إلا للأعضاء، فمن هم الأعضاء؟

يقصد النظام بحضور الأعضاء أي الأشخاص الذين نص النظام على عضويتهم؛ الأشخاص الذين لهم حق التصويت، ولذا لا يعد نظامياً حضور أي شخص غير عضو للجلسة، وسُمح له بالتصويت. وأشرنا قبل ذلك إلى صفات أعضاء مجلس شؤون الجامعات على سبيل المثال.

لكن الواقع العملي يفرض أموراً ينبغي أخذها في الاعتبار؛ فمثلا استُحدث في أغلب كليات الجامعة مناصب جديدة مثل منصب مساعدة الوكيل، ومنصب وكيلة رئيس القسم، فهل تحضران اجتماعات مجلس الكلية ومجلس القسم، وتصوتان، رغم عدم النص على هذين المنصبين من ضمن أعضاء المجلس؟

في نفس السياق قد توافق الجامعة على ندب عضو هيئة تدريس من جامعة أخرى للعمل في جامعتنا لمدة محددة، أو قبول إعارته لجامعتنا، ولديه عبء تدريسي كامل فهل يحق له حضور جلسات مجالس الأقسام؟!

نرى أنه لا يحق لمن لم يكن من منسوبي الجامعة عضو هيئة تدريس أن يحضر مثل هذه الاجتماعات حتى لو كان لديه عبء تدريسي كامل، وله حضوره الفاعل في القسم، كذلك لا يجوز حضور المتعاونين مع القسم، وهم الأشخاص الذين يستعان بهم وفق إجراءات إدارية محددة لتدريس بعض المواد.

كذلك نرى أن عضو هيئة التدريس المندوب أو المعار أو المستشار المتفرغ عن طريق معهد الملك عبدالله، أو المتفرغ تفرغاً علمياً لا يحق له حضور اجتماعات القسم طوال مدة إعارته، إلا إذا اشترط القسم في قرار الموافقة على إعارته أن يحضر المجالس.

أيضاً لا يجوز حضور الاجتماع بالوكالة، أو الإنابة، فلا يحق لأي عضو من أعضاء المجلس أن يوكل شخصاً لحضور الجلسة عنه، حتى لو أعطاه وكالة رسمية، كذلك لا يجوز أن ينوب أحد الأعضاء الحاضرين عن العضو المتغيب بدعوى أنه فوضه بالحديث والتصويت نيابة عنه.

نصت المادة الثالثة والخمسون من النظام على أنه يجوز حضور اجتماعات أي من المجالس المنصوص عليها في النظام بناء على طلب رئيس المجلس أو أحد الأعضاء بعد موافقة رئيس المجلس، ليفيدهم بما لديه من معلومات وإيضاحات، على أن يكون حق التصويت خاصا بأعضاء المجلس فقط. وهذا يعني أنه للرئيس الحق في دعوة من يراه لحضور الجلسة للاستفادة منه في أحد أو بعض مواضيع الجلسة، ورغم أنه قد يناقش ذلك الموضوع ويبدي وجهة نظره إلا أنه لا يحق له التصويت. وجرى العمل على أن يترك الاجتماع بمجرد ما ينتهي الموضوع الذي تم السماح له بالحضور لمناقشته.

ويفترض أن يجتمع الأعضاء بأشخاصهم وجهاً لوجه في مكان وزمان محددين، إلا أنه يمكن الاستعاضة عن حضور الأعضاء بأشخاصهم أن يكون عن طريق الهاتف، أو البرامج الحديثة مثل برنامج البلاك بورد، أو زووم. وكل المجالس تقريباً لجأت لهذه البدائل أثناء أزمة كورونا نظراً لتعذر اجتماع الأعضاء بأشخاصهم، وفي كل الأحوال يوجه الأعضاء مخاطبتهم في الجلسة للرئيس، بقولهم معالي الوزير أو معالي الرئيس أو سعادة العميد.. الخ.

وقد تطرأ بعض الأمور العاجلة، فيضطر المجلس لعقد اجتماع عاجل بالتمرير، أي أن يتصل رئيس الجلسة بالأعضاء ويبلغهم عن الموضوع، ومدى أهميته، واستعجاله، وأنه استثناءً لا يستطيع أن يعقد جلسة لضرورة الموقف، لذا يطلب من الأعضاء إبداء رأيهم في الموضوع، والتصويت عليه بالتمرير.

والتمرير يعني أخذ محضر الاجتماع لكل عضو في مقر عمله، الوزارة، أو الكلية، أو حتى المنزل ليبدي رأيه في الموضوع المطروح، ويصوت عليه، والاجتماع بالتمرير يعتبر استثناء من الأصل، ويجب الا يتم اللجوء اليه إلا عند الحاجة القصوى.

ويجب أن يعرض المحضر بالتمرير على كل الأعضاء، حتى لو كثر عددهم، ولا يُكتفى بنسبة ثلثي الأعضاء، وإنما يشارك الجميع في إبداء رأيهم في وقائع المحضر، ومن عيوب المحضر بالتمرير أنه لا يعطي الموضوع المطروح حقه من النقاش والتمحيص والبحث، ولهذا تقرر القواعد العامة أنه في حالة اعتراض أي عضو على المحضر بالتمرير فإنه يجب عرض الموضوع في اجتماع عادي. 

وهناك نقطة جديرة بالإشارة؛ حيث نصت المادة الخامسة والخمسون من النظام على أنه لا يجوز لعضو أي من المجالس المنصوص عليها في النظام حضور مناقشة المجلس في الموضوعات المتعلقة به، أو بمن لهم به قرابة إلى الدرجة الثانية؛ إذ يجب على العضو الذي ورد موضوع يخصه في جدول أعمال الجلسة أن يغادر الجلسة أثناء مناقشة هذا الموضوع.

ومن الأمور التي شاهدتها انحراج رئيس الجلسة من أن يطلب من العضو الذي له موضوع مطروح بالخروج حتى يأخذ بقية الأعضاء حريتهم في طرح رأيهم بشفافية بخصوص موضوعه، ومن الطريف أن بعض رؤساء الجلسات رفعاً للحرج يلجأون إلى التصويت السري عند اتخاذ القرار عند تواجد ذلك العضو في الجلسة.

النصاب القانوني للاجتماع:

نصت جميع المواد المحددة لاجتماعات المجالس على أنه «لا يصح انعقاد المجلس إلا إذا حضر الاجتماع ثلثا أعضائه على الأقل». واشتراط الثلثين نص عام في الأنظمة المختلفة في المملكة حددت النصاب القانوني لصحة الاجتماعات، حيث نصت على هذه النسبة مواد نظام مجلس الوزراء، ومجلس الشورى، والمواد التي تحكم اجتماعات هيئة كبار العلماء، ونظام القضاء... الخ.

والثلثان هما الحد الأدنى الذي يجب تواجده من الأعضاء ليكون الاجتماع صحيحاً، والنصاب القانوني هو الشرط النظامي لصحة الاجتماع، وأحد الضمانات التي كفلها النظام لإلزام الأعضاء حضور الاجتماع، وليكون التداول في المواضيع المطروحة نوقش من أغلبية الأعضاء، وحتى لا تتحكم فئة معينة بمجريات الاجتماع فتوجهه وجهة معينة، ولا يجوز عقد الاجتماع إذا لم يكتمل النصاب، وتكون كل القرارات المتخذة غير نظامية.

ولهذا فإن من أهم واجبات رئيس الجلسة النظر في مدى اكتمال النصاب، وعدم بدء الاجتماع إلا بعد أن يكتمل، وعليه أن يحسب عدد الأعضاء الحاضرين، وهل اكتمل النصاب، أو يفوض مقرر الجلسة بذلك، أو غيره، وحالياً أصبحت الأجهزة - مثل جهاز مجالس المستخدم في الجامعة - تحسب النظام آليا، بعد أن يثبت كل عضو حضوره آليا.

وقد ينعقد الاجتماع صحيحاً بنصاب كامل ثم يخرج بعض الأعضاء أثناء النقاش، فإذا تأثرت نسبة النصاب القانوني فعلى الرئيس إيقاف الاجتماع، وأذكر موقفاً طريفاً حيث عقد الاجتماع وخرج بعض الأعضاء بعد مناقشة عدة مواضيع، ولم يتأثر النصاب القانوني، لكنهم دهشوا عندما أثبت رئيس الجلسة خروجهم، وقد خرج الدكتور فلان والدكتور فلان والدكتور فلان من الاجتماع عند الساعة الواحدة، ولم يناقشوا المواضيع من ثلاثة إلى سبعة، الأمر الذي أغضبهم بشدة، لكنه كان درساً للجميع لحضور الاجتماع بكامله.

وينبغي أن نفرق بين النصاب القانوني «ثلثي الأعضاء» والأغلبية عند التصويت، والتصويت هو أخذ رأي الأعضاء الحاضرين الاجتماع في مواضيع الاجتماع، ونتيجة التصويت قد تكون «قراراً» وقد تكون «توصية» يترتب عليها توصيات أخرى ترفع لمن له الاختصاص باتخاذ القرار.

ولم ينص النظام على طرق معينة للتصويت، إذ قد يكون ألياً أو برفع اليد، أو بكتابة ورقة، أو بالوقوف، أو بكتابة علامة صح أو خطأ على ورقة يتداولها المجتمعون لكل قرار، أو بالمناداة بالاسم، أو بالتصويت السري، ويكون بتوزيع أوراق صغيرة على المجتمعين، لكتابة رأيه بنعم أو لا ثم يجمعها رئيس الاجتماع، ويفرزها أمام الحضور، ويحسب كم مع التوصية وكم ضدها.

وقد نصت المادة الثامنة الخاصة باجتماعات مجلس الجامعة على أن «تصدر قراراته بأغلبية أصوات الحاضرين على الأقل»، وهذه العبارات موجودة في كل مواد اجتماعات المجالس، حيث فرقت بين النصاب القانوني لحضور الاجتماع، والتصويت لعدد الحاضرين للاجتماع؛ فالأغلبية تعني «50٪ + 1»، أي أن تزيد أصوات الموافقة أو الرفض على نصف الأصوات التي اشتركت في التصويت، فالنصاب القانوني يشمل جميع الأعضاء المسموح لهم نظاماً بحضور الجلسة، بينما الأغلبية تشمل الأعضاء الذين حضروا الاجتماع وشاركوا فيه.

وقد يكون التصويت بالإجماع، أي أن يصوت كل الأعضاء الحاضرين في جانب واحد، إما نعم أو لا، وبذلك تعرف نتيجة التصويت مباشرة وبوضوح، وقد لا يكون هناك اجماع أو أغلبية في الاجتماع، إذ قد تتعادل الأصوات الموافقة والرافضة، لذا لابد أن يكون هناك صوت مرجح، حيث نصت المواد على أنه «وعند التساوي يرجح الجانب الذي صوت معه رئيس الاجتماع». فرئيس الاجتماع هو الفيصل في الموضوع عند التساوي، ولهذا يفهم من المادة أنه يجب أن يصوت الرئيس بنعم أو لا، ولا يمتنع عن التصويت، حتى ولو لم يكن هناك ترجيح، ونرى أنه عند التصويت السري ينبغي على الرئيس عند تعادل الأصوات أن يبين لمن صوت حتى يكون للترجيح اعتبار، وحتى تنتهي مسألة التصويت.

ولهذا فإن امتناع بعض الأعضاء عن التصويت يختلف عن امتناع رئيس الاجتماع عنه، لأن الرئيس له دور ترجيحي، كذلك فإن من يمتنع عن التصويت يعتبر تخلى عن حقه في التصويت باختياره، فهو بالتالي يشبه العضو الذي لم يحضر الجلسة، وهو موقف سلبي، رفضه نظام مجلس الشورى على سبيل المثال، وألزم جميع الأعضاء بالتصويت على القرار بالموافقة أو عدمها.

وفي الجلسة يتم تداول آراء الحاضرين في المواضيع المطروحة، ويكون هناك نقاش وإبداء رأي، وبعد أن ينتهي النقاش يتم التصويت على الموضوع، فإذا لم يكن هناك إجماع، أو تساوي في الأصوات، فإن القرار هو قرار الأغلبية، ولهذا يجب على الأعضاء الحاضرين الالتزام برأي الأغلبية، وألا يشير أي عضو بعد الاجتماع أن له رأي مخالف لأن في هذا كشف لأسرار الاجتماع، واعتراض على رأي الأغلبية.

 

أ. د. إبراهيم محمد الحديثي

كلية الحقوق والعلوم السياسية

قسم القانون العام

alhudaithy@yahoo.com

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA