استعرضنا في المقالين السابقين الأمور الشكلية التي يجب أن تتوافر في مجالس الجامعة حتى تكون اجتماعاتها صحيحة، والقواعد التي تحكم الدعوة إلى اجتماعات المجالس، ومن يحق له حضور الجلسة، والنصاب القانوني للاجتماع، وفي هذا الجزء نكمل القواعد العامة المتعلقة باجتماعات مجالس الجامعة.
التحفظ على قرارات الاجتماع:
يجوز لكل عضو حضر الاجتماع أن يتحفظ على أي قرار أو توصية تتخذ في الجلسة. والتحفظ يعني استبعاد الأثر القانوني للموضوع المتحفظ عليه، أو بعبارة أخرى رفض موضوع التحفظ.
ويجب أن يكون التحفظ مكتوباً، وأن تثبت الإشارة إلى التحفظ في محضر الاجتماع، إما عند الموضوع المتحفظ عليه بأن فلان تحفظ على هذا القرار، أو عند التوقيع، بحيث يكتب العضو أنه يتحفظ على نتيجة الموضوع الثالث مثلا، أو يحدد ما هو الموضوع.
ويحكم قواعد التحفظ في الجامعة تعميم معالي مدير الجامعة الصادر في 6/2/1400هـ، وتُثار دهشتي لمضي المدة الطويلة ولا يحكم التحفظ في الجامعة إلا تعميم صدر من معالي الدكتور منصور التركي؛ مدير الجامعة الأسبق رحمه الله، إذ رغم صدور نظام مجلس التعليم العالي ولوائحه في عام 1414هـ وما بعدها لم تتم الإشارة بقاعدة قانونية واضحة إلى موضوع التحفظ على قرارات المجالس؛ لهذا آمل أن تتم الإشارة إليه بمادة مستقلة في لوائح نظام الجامعات التي يفترض أن تصدر قريبا.
ونص التعميم على أنه يجب على عضو مجلس القسم خلال أسبوع واحد من توقيع المحضر، أن يرفع تحفظه إلى عميد الكلية؛ وعلى العميد اتخاذ ما يراه بشأن ذلك، فإذا رأى وجاهة التحفظ، طلب من رئيس القسم إعادة عرض الموضوع على مجلس القسم، فإذا مضت مدة الأسبوع ورفع التحفظ بعدها فإن التحفظ يفقد قوته القانونية، ولا يعتد به.
أما التحفظ على قرارات مجلس الكلية فيلزم أن يرفع العضو المعترض خطاب الاعتراض إلى مدير الجامعة خلال أسبوع من عقد الجلسة، وعلى مدير الجامعة البت في التحفظ، إما بتأييد رأي العضو المتحفظ، وبالتالي الكتابة إلى مجلس الكلية بتأييد التحفظ أو إعادة مناقشة الموضوع، أو حفظ التحفظ.
محضر الاجتماع:
بعد أن ينتهي نقاش مواضيع جدول الأعمال، ويتم التصويت تنتهي الجلسة، وتبدأ مرحلة كتابة المحضر. والمحضر ملخص كتابي لما دار في الجلسة، يُدون فيه الحضور والغياب؛ وهل الغياب بعذر، ومن خرج من الجلسة ولم يعد، والمواضيع التي نوقشت في الجلسة، ونبذة عن كل موضوع، وأبرز النقاشات التي دارت حوله، والقرار أو التوصية، ورأي المعارضين أو عددهم أو أسمائهم، والتحفظات إن وجدت.
وتأتي أهمية المحضر في أنه سجل تاريخي لما دار في الاجتماع، وذاكرة حافظة لما تم فيه، ودليل على حصول الجلسة، ومناقشة الأعمال التي وردت في جدول أعمالها، وحجة ضد من ينفي قيام الاجتماع، وتسلسل تاريخي لجلسات المجلس، وهو كذلك وثيقة هامة للاجتماع يمكن العودة إليه في أي وقت لمعرفة تاريخ التوصية أو القرار، والظروف المحيطة به.
وفي كثير من الحالات- خاصة في قرارات المجالس العليا مثل مجلس شؤون الجامعات، ومجلس الجامعة- يتم العودة إلى المحاضر التمهيدية للقرار لمعرفة توجه المجلس عند اتخاذه، كذلك يمكن الاعتماد على المحاضر للنظر في التطور التاريخي لقرارات المجلس، أو حتى للقسم أو للكلية أو للجامعة.
وتختلف المجالس في طريقة التوقيع على المحاضر، إذ بعضها يوقع على ورقة أسماء الحاضرين أثناء نقاش جدول الأعمال، وهنا تقع مسؤولية محتويات المحضر وقراراته أو توصياته على رئيس الاجتماع، بحيث يثق فيه الآخرون أن يُضَمِن المحضر القرارات التي اتخذت في الاجتماع بدقة، وبعضهم في نهاية الجلسة حيث يتم كتابة شكليات المحضر، وجدول الأعمال ولا يتبقى إلا القرار أو التوصية تضاف مباشرة أثناء اتخاذها، وبعض المجالس يوقعون في اليوم الثاني أو الثالث للاجتماع عندما تنتهي السكرتارية من طباعة المحضر ومراجعته.
وتجدر الإشارة إلى أن عدم كتابة المحضر لا تؤثر في صحة الاجتماع، فالاجتماع صحيح لأن كتابة المحضر ليست شرطاً في عقد الاجتماع، لكن كتابة المحضر ضرورية في صحة القرارات التي اُتخذت، ولهذا يجب كتابة المحضر لتكون تلك القرارات صحيحة؛ لأن المادة اشترطت أن تٌرفع هذه القرارات إلى صاحب الصلاحية لاعتمادها، وبالتالي عدم رفعها يترتب عليه عدم اعتماد هذه القرارات وبالتالي عدم نفاذها، لذا يجب كتابة المحضر ورفعه لصاحب الصلاحية.
اعتماد المحاضر:
يختلف صاحب الصلاحية في اعتماد المحاضر وفقاً لاختلاف وأهمية المجالس في الجامعة؛ فالقواعد التي تحكم مجلس شؤون الجامعات مثلا لم تتضمن أي نص يشير إلى من يعتمد المحضر، ولأن هذا المجلس هو صاحب الاختصاص التنظيمي لكل ما يتعلق بشؤون الجامعات، وهو أعلى سلطة إدارية ذات علاقة بالشأن الأكاديمي، فإن قراراته تعتبر نافذة بمجرد صدورها، ولا يحتاج أن يتم اعتمادها من أي سلطة أخرى.
الأمر في مجالس الأمناء شبيه بهذا، حيث نصت المادة الرابعة عشرة من النظام على أن تكون قراراته نافذة بعد خمسة عشر يوماً من تاريخ انعقاد الاجتماع الذي صدرت فيه، وهذا يعني أنه لا توجد مرجعية لقرارات مجلس الأمناء؛ بمعنى أنه لا ترفع قرارات المجلس لا لمجلس شؤون الجامعات، ولا لرئيسه، وإنما تعتبر نهائية، بمجرد صدورها من المجلس ومضي خمسة عشر يوماً من تاريخ انعقاد الجلسة التي اتخذت فيها القرارات.
والعبرة من مدة الخمسة عشر يوماً حتى يُعطى من صدرت القرارات بحقه فرصة ليتظلم للمجلس لإعادة النظر في قراره. ورغم أن قرارات المجلس تعتبر نهائية في حدود الجامعة، إلا أنه يمكن التظلم منها ومن قرارات مجلس شؤون الجامعات أمام المحكمة الإدارية وطلب الغائها.
أما مجلس الجامعة فقد نصت المادة الثامنة عشرة على أن تكون قراراته نافذة من تاريخ اعتمادها من رئيس المجلس، ولم تحدد المادة مدة معينة للرئيس، ولذا بمجرد رفع المحضر له في أي وقت تعتبر قراراته نافذة.
الوضع بخصوص قرارات المجلس العلمي، ومجالس الكليات مختلف، إذ تُعد قرارات المجلسين نافذة ما لم يرد عليها اعتراض من رئيس الجامعة خلال «عشرين يوماً» من تاريخ وصولها إليه، فإن اعترض عليها رئيس الجامعة، أعادها إلى المجلس - مشفوعة بوجهة نظره - لدراستها من جديد، فإن بقي المجلس على رأيه، فتحال القرارات المعترض عليها إلى مجلس الجامعة، وتنظر في أول جلسة عادية أو استثنائية، ولمجلس الجامعة تصديق القرارات أو تعديلها أو إلغاؤها، ويكون قراره في ذلك نهائيًّا.
والصلاحية في اعتماد محاضر مجالس الأقسام للعميد، بحيث تُعد قرارات مجلس القسم نافذة ما لم يرد عليها اعتراض من عميد الكلية أو المعهد خلال سبعة أيام عمل من تاريخ وصولها إليه، فإن اعترض عليها أعادها إلى مجلس القسم - مشفوعة بوجهة نظره - لدراستها من جديد، فإن بقي المجلس على رأيه، فتحال القرارات المعترض عليها إلى مجلس الكلية أو المعهد، وله صلاحيات البت فيها.
أ. د. إبراهيم محمد الحديثي
كلية الحقوق والعلوم السياسية
قسم القانون العام
إضافة تعليق جديد