تعتبر التربية هي البناء الأساسي الذي يتلقاه الطفل، وللتربية أهمية كبيرة ومؤثرة في شخصية الأبناء، وقد يمتد هذا الأثر عل المدى البعيد.
وتحدث التربية وأساليبها نقلة نوعية على الجوانب الجسمية والنفسية والاجتماعية والعقلية، وقد تؤثر التنشئة الاجتماعية التي يتلقاها الطفل من الوالدين عل ثقته بنفسه وتعامله مع المواقفوالأحداث التي يمر بها، وكذلك عل نظرته لذاته والمجتمع الذي يعيش فيه، ويؤدي هذا إلى التوافق النفسي أو سوء التوافق.
إن الجو الأسري الذي يملأ الطفل بالحب والعطف والسلام يؤدي إلى الاستقرار النفسي ويجعله
ينمو نموا سليما ويتوافق مع نفسه ومع المجتمع الذي يعيش حوله ويساعده على تكوين اتجاه إيجابي تجاه أسرته والمجتمع من حوله.
أما إذا ساد الجو الأسري خصومات ومشاحانات وخلافات والدية مستمرة فإن ذلك ينعكس على شخصية الفرد ويؤدي بها إلى صراعات داخلية واضطرابات نفسية، وبلا شك ينعكس كذلك على تقدير الفرد لذاته والآخرين من حوله ويؤدي إلى عدم الاستقرار الانفعالي وإلى أنماط سلوكية غير سوية مثل الغيرة والعداونية والأنانية والشح العاطفي.
لذلك ينبغي على الوالدين توفير بئية أسرية مناسبة باعتبار أن الوالدين هما المصدر الأساسي في
تحقيق متطلبات الأبناء سواء الفسيولوجية أو النفسية أو العقلية أو الاجتماعية.
كلما كان الوالدان واعيين بتلك المتطلبات أدى ذلك إلى جو أسري مليء بالسعادة والاستقرار والصحة النفسية، وكل أسرة تتمتع بنهج تربوي معين يؤثر سلبيا أو إيجابيا على شخصية الأبناء واستقرارهم النفسي.
ذلك النهج التربوي الذي تمتع به كل أسرة يعتمد على الثقافة والقيم والمبادئ التي تربت عليها كل أسرة، وهو بلا شك يختلف من أسرة لأخرى ومن مجتمع لآخر، حسب المستوى الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والمكانة الاجتماعية التي يحتلها الأب أو الأم، والذي بدوره يؤدي إلى التوافق الأسري بين الوالدين والأبناء أو العكس.
من الأساليب الخاطئة المتبعة من قبل الوالدين والتي تؤثر سلبيا على شخصية الأبناء وتوافقهم النفسي واستقرارهم؛ لجوء بعض الآباء والأمهات إلى أسلوب الإهمال والنبذ، أو أسلوب القسوة والتحكم، وهما أسلوبان خاطئان يؤديان إلى شعور الأبناء بالعجز وعدم القدرة على أداء الواجبات والمسؤوليات والأنشطة اليومية، كما يؤديان لإضعاف روح المبادرة والاستقلالية، والهروب من المنزل والبحث عن رفقاء السوء والاتجاه إلى الممنوعات، وأحيانا إلى العدائية وعدم المبالاة بالآخرين.
ومن الأساليب الخاطئة أيضا الحماية الزائدة حيث تؤدي إلى آثار سلبية على شخصيات الأبناء مثل ضعف الشخصية والاعتماد على الآخرين وانخفاض التحصيل الدراسي والعزلة والانطوائية، واتجاهات سلبية نحو نفسه وأسرته واللجوء إلى الحيل النفسية الدفاعية كالتبرير والكذب والنكوص، والتمرد والكذب والخداع على الوالدين في سبيل الحصول على ما يريده.
لذلك كله ينبغي على الوالدين إيجاد نظام أسري واضح بين الحرية والانضباط، يتأثر به الأبناء ويؤثرون، وأن يعرف كل أب مسؤوليته ودوره داخل الأسرة، وكذلك الأم عليها أن تعرف دورها وان توزع وقتها وتنظمه على مستوى مسؤوليتها تجاه البيت أو الأبناء أو استيفاء متطلباتها الأخرى كالخروج وزيارة الأقارب.
ختاماً، النظام الأسري الواضح يؤدي إلى تعزيز الصحة النفسية والاستقرار الأسري، وينعكس ذلك على الأبناء وعلى صحتهم النفسية ويجعلهم أكثر جرأة واعتمادا على النفس، وتطلعاً نحو الإنجاز والإبداع وحب الناس والتعاطف معهم.
خالد الحميضي
كلية التربية - قسم علم النفس
برنامج التعليم العالي للصم وضعاف السمع
إضافة تعليق جديد