كيمياء السعادة لتعزيز الصحة النفسية والجسدية

 

 

السعادة هي ذروة سنام الرضا الجسدي والديني والنفسي، ويعد أكثر الناس سعادة هو من يتغلب على أسباب الشقاء ويتقدم نحو الأهداف السامية روحياً وجسميا واجتماعيا لتحقيق السعادة.  يتحكم في السعادة بيولوجيا سلسلة من الإفرازات الكيميائية من الغدد الدماغية بالتناغم مع الغدد الطرفية، تسري هذه المواد الكيمائية في الدم فتصل للقلب لضخها الى جميع أعضاء الجسم، فيتم بذلك العديد من التفاعلات الكيميائية الحيوية فتحدث السعادة والسكينة، فيتنفس الإنسان بعمق وتزداد كفاءة التمثيل الغذائي وإنتاج الطاقة فتتحسن الوظائف الحيوية للجسم.

ويعد هرمون الأدرينالين أهم الناقلات العصبية وهو هرمون الحيوية ويتسبب في تنظيم نبضات القلب وضغط الدم وتدفقه إلى أعضاء الجسم الحيوية، كما أن الأدرينالين مسؤول عن إفراز الإيبينفرين بنسبة تمنح الإنسان شعورا عاليا بالطاقة، وبذلك يسهم في الإحساس بالسعادة والحماسة والشغف كما يسهم كل من الفينيل إيثيل أمين والغريلين في نفس الغرض.

ويعد السيروتونين أهم هرمونات السعادة وينتج في الجهاز العصبي المركزي والخلايا الكرومافينية للجهاز الهضمي ليلعب دورا فعالا في تنظيم حالة الإنسان المزاجية والطمأنينة النفسية والثقة بالنفس والرغبة الجنسية، وبذلك يستحق السيروتونين لقب هورمون السعادة والسرور.

ويزداد إفراز هذا الهرمون بالعطاء وبالتغلب على الأنا وبالانخراط في أنشطة تعزز الشعور بالثقة بالنفس واحترام الذات، وبالمشاركة في الأعمال الخيرية.

أيضا يعد الأندروفين إكسير الحياة ويرتفع مستواه في حالات الرضا والتقوى فيعطي الإنسان الإحساس بالسكينة وطمأنينة القلب فيشعر بالسعادة. كما يزداد إفراز الأندروفين بممارسة الرياضة والترويح عن النفس. كما يعد الدوبامين من هرمونات السعادة وينشط إفرازه عندما يحقق الإنسان أهدافا إيجابية، أو عندما ينال التقدير المناسب لذا يسمى هرمون الإنجاز، لذلك تعد الكلمة الطيبة والتكريم والثناء على الأصحاب والأولاد والأهل من مسببات السعادة لزيادة إفراز الدوبامين.

أضف الى هرمونات السعادة الأوكسيتوسين وهو هرمون الحميمية والحب والعطف، ويتم إفرازه عندما نقترب من بعضنا البعض بالمصافحة أو العناق ولو عن بعد، كذلك عندما نحضن أهلنا أو أصحابنا خاصة الأطفال. كما يفرز الجسم مركبات الـكانابينويدات الداخلية وهي شبيهة بمركبات القنب الهندي، وهي مركبات كيميائية يفرزها الجهاز العصبي بشكل طبيعي بالمخ لتعمل كموصلات عصبية من خلال التأثير على المستقبلات العصبية لمنظومة الكانابينويد، ويطلق عليها مركبات الهناء والسرور لإسهامها في تحريك مشاعر السعادة الداخلية، حيث إن الكانابينويد تسبب مشاعر البهجة الشديدة التي يعبر عنها البشر عند لحظات الانتصار وتحقيق الأهداف.

كما يفرز الجسم كوابح طبيعية لمشاعر القلق والتوتر والارتباك تعرف باسم «حمض أمينوبيوتيريك GABA» والذي يعمل تلقائيا على تهدئة الخلايا العصبية عند التوتر لتعود إلى الشعور بالسكينة والطمأنينة، ويمكن زيادة إفراز GABA بممارسة تمارين اليوغا والتأمل والاسترخاء.

ويعد نمط الحياة الصحي بتناول الغذاء المتوازن وشرب المياه وتنظيم ساعات النوم واتباع قواعد الصحة العامة والتعرض لضوء الشمس، وتناول الكربوهيدرات والبيض ولحم الديك الرومي والدواجن والأجبان والمكسرات والحبوب والموز من معززات إنتاج هرمونات السعادة.

أيضا تناول فيتامين «ب المركب» والأملاح المعدنية واستنشاق الزيوت العطرية مثل زيت الورد والقرنفل والبردقوش والنعناع والشمر والكافور والليمون واللافندر من معززات هرمونات السعادة. كما توجد علاجات تساعد على تعزيز هرمونات السعادة ولكن لها تأثيرات خطيرة وقد يدمنها الإنسان.

وتعد ممارسة الرياضة من المعززات القوية لإفراز الأندروفين، كما أن تحقيق بعض الإنجازات ضروري لتنشيط الدوبامين، ومساعدة الغير مهمة لتعزيز إفراز السيروتونين، والعطف على الآخرين يحسن إفراز الأوكسيتوسين، وفى أداء الصلوات كل ذلك لأنها رياضة وإنجاز وعطاء وحميمية إذا تحقق الخشوع، كذلك التأمل والإنفاق وتلاوة القرآن والأذكار والدعاء والاستغفار.

وبتعزيز هرمونات السعادة يزداد الشعور بالسكينة وتقل هرمونات التوتر التي تسبب الخوف والحزن، فتقل الإصابة بالأمراض النفسية والقلبية والجسدية، حيث إن الحزن والخوف يمثلان 90% من أسباب الإصابة بالأمراض.

قال الله تعالى ‭}‬إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ‭{‬.

 

أ. د. جمال الدين إبراهيم هريسه

أستاذ الكيمياء الحيوية والتوجيه الدوائي

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA