صناعة السعادة

 

 

تتعدد الإجابات عن سؤال أين تكمن السعادة؟ أو كيف نحصل على السعادة؟

وفي رأيي لا توجد إجابة صائبة وأخرى غير صائبة، فلكل وجهة نظر ولكل خبرته وتجاربه.

في تكليف محدد زمنيا بأسبوع تقوم فيه الطالبة بمشاركة مجتمعية من خلال عمل لا يشترط فيه الكلفة المادية أو أي إجراءات معقدة وبما يتفق مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية خلال هذه المرحلة.

طلبت من الطالبات في أحد المقررات القيام بعمل يكون سببا في إسعاد شخص آخر والمطلوب تقديمه للتقييم كتابة تفاصيل العمل وردة فعل ذلك الشخص، ووصف شعور الطالبة تجاه ردة الفعل تلك فيما لا يزيد عن صفحة.

مر الأسبوع وتواردت التقارير، وكم كانت سعادتي وأنا أطوف على تلك الأعمال: واحد وأربعون تقريرا لواحد وأربعين عملا مفعما بالسعادة والعطاء والمبادرة والمشاركة.

اتضح لي كيف أن السعادة أمر معدٍ، وكم أن العطاء أياً كان ماديا أو معنويا يمنحنا شعوراً بالرضا والسعادة لأننا كنا سببا في منح لحظات سعيدة لآخرين ربما كانوا في أمس الحاجة لها لحظتها.

تلفتت الطالبات حولهن بحثن عمن يمكن أن يكون المستهدف من العمل وأحيانا يكون ذلك الشخص هو الأقرب إلينا دون أن نلاحظ:

تقاعدت والدتها من عملها خلال فترة الحجر المنزلي! لم لا نحتفي بأمي، لم لا نمحنها لحظات سعيدة، تواصلت مع إخوتها وأخواتها ورتبوا مع والدهم لحفلة عائلية احتفاء بالأم في جو عائلي بهيج وكم كانت سعادة الام وامتنانها!

أيضاً كان للمساعِدات المنزليات والسائق وعامل الحديقة نصيب من تلك الأعمال أو الالتفاتات، الجميل في الأمر مبادرة أفراد الأسرة للمشاركة بالتفكير والعمل بمجرد طرح الفكرة وحماسهم لها وللمشاركة.

الالتفاتة الأجمل كانت مع المساعدة المنزلية التي تعذر سفرها خلال فترة الحجر وتعليق السفر فغابت عن عرس ابنتها، رتبت الطالبة احتفالا بسيطا وخلاله تواصلت المساعدة المنزلية بأسرتها وتشاركوا أجواء الاحتفال، وكان ليوم إجازة من العمل ونزهة قصيرة ووجبة في مطعم مفضل وقعٌ رائع على مساعِدة أخرى استمتعت بالتصوير وإرسال الفيديوهات لذويها الذين طال غيابها عنهم.

«وردة وكارت» كانت هدية طالبة لصديقتها التي عملت معها لفترة وانقطع تواصلهما بعد ذلك، فكانت مبعث سعادة للصديقتين معا.

«كسوة الشتاء» فكرة تبنتها العديد من الطالبات كل واحدة منهن على حدة لمستحقيها، وهي الفكرة التي تحمس لها أفراد الأسرة والبعض قرر أن يكون ذلك إجراء سنويا يلتزمون به.

كلمات صادقة جميلة ودعوة بالخير ولكن بكود أرسلته لكل الصديقات مبادرة لطالبة أخرى كان لها وقع جميل على كل من وصلهم وأنا منهم.

الطالبة التي لاحظت حزن وقلق دلال جارتها ذات العشر سنوات بعد محاولات لمعرفة السبب علها تساعدها؛ اتضح أن سبب خوفها هو خوض اختبار الرياضيات في الغد، وكانت قد حصلت الشهر الماضي على درجة سيئة فيه، لم تتركها وطلبت منها إحضار كتابها وأدواتها وبدأت بشرح وتبسيط الدروس لها، في اليوم التالي جرت إليها دلال وفرح الدنيا في عينيها لقد حصلت على الدرجة الكاملة.

سقيا ماء في مسجد وممشى صدقة عن صديقتي التي تمر بظروف صعبة.

رسالة دعم نفسي يومية لقريبتي التي تعاني ضغوطا نفسية بسبب أجواء الاختبارات.

زيارة لصديقتي التي أجرت عملية جراحية مؤخرا.

وجبة إفطار وماء بارد لعمال بناء في القرب.

سهم وقف في الحرم، الهدية المفاجأة التي غمرت صاحبها بالسعادة ومشاعر الامتنان.

كابتن سلمى لاعبة كرة السلة علمت لاعبة مبتدئة قواعد اللعبة.

التبرع بالدم لأول مرة.

هدية ليتيم.

مساعدة طالبة جديدة في السكن الجامعي، حملت معها أشياءها طمأنتها وأبدت استعدادها للتعاون والمساعدة في أي وقت.

تلك نماذج من أعمال بدأتها الطالبات كتكليف لكنهن عشن لحظات جميلة وسعيدة مع تفاصيلها، كان القاسم المشترك في تلك الأعمال هو العطاء، المشاركة، والمبادرة، والنتيجة شعور بالسعادة مبعثه إسعاد الآخرين.

تجربة التكليف وتفاصيله أسعدتني كثيراً ولا أظن أني أنساها وأحببت مشاركتها معكم.

 

د. بلقيس علوان

قسم الإعلام

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA