«اقرأ» هو المشعل الذي أضاء به جبريل قلب محمد صلى الله عليه وسلم، وهي النقطة العميقة التي يرتكز عليها بنيان حضارتنا الشامخ، وهي مفتاح أبواب علوم أحيينا بها العالم وبعثنا روح الرقي فيه بعد عصور من التيه والضياع والظلمة.
«اقرأ» هي الحق الذي لا يحتاج لنص نظامي يقرره لصاحبه، وهي الكلمة التي تجوب القارات والدول دون الحاجة لتأشيرة عبور أو محطات للانتقال.
«اقرأ» هي الغذاء الذي تقتات عليه العقول والأرواح.
هي الحق الذي ينشده الكفيف، هي الأمل الذي يرقبه مع شروق الشمس.
تنبهت المنظمة العالمية للملكية الفكرية بعد إقرار الاتفاقيات التي تنظم حق المؤلف وتحميه وهي القاضية بأن حق نسخ المصنف أو إتاحته تكون لصاحب حق التأليف ويمنع على الغير كل عمل يضر بصاحب هذا الحق من نسخ أو تحوير أو نشر ، وبعد استقرار للتعامل وفق هذه الاتفاقيات والأنظمة ظهرت مشكلة أعاقت الكفيف عن قراءة الكتب، واختنق بأنظمة حماية حقوق المؤلف؛ بسبب أنه لا يستطيع قراءة الكتب الورقية ولا الإلكترونية حتى إلا إذا توفرت في صيغ محددة تتلاءم مع تقنياته المساعدة.
جاء الحل متمثلاً في «معاهدة مراكش 2013م» لتيسير نفاذ ذوي الإعاقة البصرية للمصنفات في أنساق ميسرة تتوافق مع تقنياتهم المساعدة ويحصلون على هذه الكتب عبر جهة معتمدة في الدولة يكون لها حق قانوني في الوصول للمصنفات وإتاحتها للفئة المستهدفة في أنساق ميسرة عبر ضوابط ومعايير تحمي بها حق المؤلف.
ولقد انضمت المملكة العربية السعودية لهذه المعاهدة، وهي التي لم تدع مجالاً لتمكين ذوي الإعاقة إلا وسلكته، وبموجب هذه الاتفاقية فإنا نأمل ونرجو من الهيئة السعودية للملكية الفكرية، وهيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، أن تبذل جهودًا أعظم ومساعي أسرع لتنفيذ هذه المعاهدة، وبتنفيذها سنحمي المصنفات من النسخ غير المشروع، وكذلك سنوفر جهوداً، الله أعلم بصعوبتها ومشقتها على ذوي الإعاقة البصرية ليتمكنوا كأقرانهم من قراءة الكتب التي يحبون في الوقت الذي يريدون.
ولدور النشر أيضًا أهمس بحب وأقول لهم: أتيحوا مصنفاتكم إلكترونيًا بصيغ ملائمة لتقنيات المكفوفين مثل «أيبوب» في المنصات المعروفة مثل «كندل» وسيشتريها الكفيف ويقرأها بصورة نظامية بعيدًا عن دهاليز النسخ غير المشروع الذي تدركون تمامًا مضاره ومساوئه عليكم وعلى الفكر والاقتصاد.
حنان أحمديني
ماجستير حقوق
إضافة تعليق جديد