في ظل الاهتمام المتنامي بالبحث العلمي في المملكة العربية السعودية والوطن العربي تبدو أهمية جعل موضوع تأثير البحوث العلمية على قائمة أولويات النقاش والتداول العلمي الرصين؛ ذلك أن المنهجيات والمعايير التي يؤدي الالتزام بها إلى تحقيق تأثير أكبر للبحوث العلمية قد ظلت غائبة لعقود عن خطط واستراتيجيات تطوير البحث العلمي في الوطن العربي، كما خلت معظم لوائح البحث العلمي وبرامج الدراسات العليا بل وحتى التوجيهات الرسمية المكتوبة لإعداد رسائل الماجستير والدكتوراه من أية إشارة أو تنويه إلى حجم التأثير الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو حتى العلمي الذي يجب أن تحدثه تلك البحوث.
إحداث التأثير
ومن ثم أصبحت معظم المنتجات البحثية، وللأسف، تتحدث نظريا عن كل شيء، لكنها تغفل الهدف الرئيس من أي بحث ألا وهو إحداث التأثير، وأصبح ما يتلقاه طلاب الدراسات العليا والباحثون الجدد هو التدريب الجيد على كيفية إجراء البحوث وليس على كيفية إحداث التأثير المطلوب والتطبيقات العملية المفيدة.
أدوات وإجراءات
من هنا، ظهرت أهمية ترجمة هذا الكتاب ونقله للعربية ليساعد الباحثين العرب على معرفة الأدوات والإجراءات العلمية التي يمكنهم القيام بها للبدء في رحلتهم نحو إحداث التأثير المطلوب، وصقل ممارساتهم لتصبح بحوثهم أكثر فاعلية.
امتياز لا واجب
يؤمن مؤلف هذا الكتاب «مارك ريد» أن «التأثير البحثي هو الثمرة التي يمكن للباحثين تقديمها للعالم» ومن هذا المنطلق فقد سعى إلى تحفيز وإلهام جيل جديد من الباحثين الذين يرون إحداث التأثير على أنه امتياز قبل أن يكون واجبا، والذين يسعون إلى إحداث التأثير لأنهم يرغبون في ذلك، وليس لأنه يُطلب منهم ذلك.
أجندة التأثير
مهد المؤلف بذكر سبب حرصه على إصدار الطبعة الثانية من الكتاب أن أجندة التأثير أصبحت أكثر بروزا في المجتمع البحثي في العالم، من حيث توجيه تمويل الأبحاث ومن حيث تقييم التميز البحثي، وغالبية منظمات تمويل الأبحاث في جميع أنحاء العالم تطلب من الباحثين اليوم تقديم بيان حول التأثير المحتمل للعمل الذي يبحثون عن تمويل له.
منهج الكتاب
يتبع هذا الكتاب منهجا قائما على الأدلة التي تتيح للباحث إمكانية تتبع تأثيره بسرعة مهما كان مستوى تعليمه أو تخصصه، وقام في القسم الأول بانتقاء خمسة مبادئ لتعزيز التأثير، وفي القسم الثاني ربط تلك المبادئ بخمس خطوات عملية، ما على الباحث سوى اتباعها لتحقيق تأثير كبير بعيد المدى ودائم من بحثه.
4 أجزاء
يعد هذا الكتاب بأجزائه الأربعة وفصوله الثلاثة والعشرين دليلا شاملا لكل ما يحتاجه الباحث لبدء رحلته في إحداث التأثير، ليس فيما سيأتي من بحوث جديدة بل وحتى فيما مضى من بحوث منشورة لم يتم الالتفات إلى نتائجها والاستفادة من تطبيقاتها.
نجاح عالمي
لقي الكتاب نجاحا ورواجا عالميا لسهولة مادته وتطبيقاته العملية المفيدة، فمنذ إصدار الطبعة الأولى منه عام 2016م، تمت إعادة طبعه خمس مرات، واستُخدم لتدريب ما يقرب من 5000 باحث في أكثر من 200 مؤسسة في 55 دولة.
تطوير المنظومة
وإنني على ثقة بأن مفاهيم هذا الكتاب وتوجيهاته وتطبيقاته العملية سوف تسهم، بإذن الله، في دعم مسيرة التحول والتطوير في منظومة البحث العلمي في المملكة العربية السعودية والوطن العربي؛ كما أرجو أن تكون مادة هذا الكتاب سببا في بروز أجندة تأثير البحوث في السنوات القادمة في المملكة والوطن العربي، وأن تأخذ موضوعات تأثير البحوث الاهتمام الذي تستحقه في اللقاءات والمؤتمرات ومشروعات وبرامج التطوير العلمي حتى تكون ممارسة أصيلة في جميع البحوث العلمية، وفي خطط برامج الدراسات العليا، ومتطلبا رئيسا لمنح الجوائز التقديرية للباحثين.
بقلم المترجم
إضافة تعليق جديد