تقول العرب «زامر الحيّ لا يطرب» وتريد به زامر الحي الذي اعتاد أهلُ حيّهِ سماعَ طربه، والسبب في ذلك هو «الاعتياد»، وتكرار النغم، حتى لم يعد يحرك الأشجان، ولا يستطرب الآذان.
وهو كناية عن إعراض النفس - بطبيعتها - عن كل ما حولها، والانتقال إلى البعيد أو الآخر، والإعجاب بما لديه حتى وإن كان أقل شأنًا أو أدنى مرتبة.
أستحضر هذا المثل في ظل أزمة كورونا، حيث تضرب الجائحة أرجاء العالم، وتخلّف ضحاياها بأعداد مهولة، في دول متقدمة فضلاً عن غيرها.
وفي حين تسجل دولٌ غربية عظمى نسبًا يوميةً متزايدة في الإصابات؛ جاءت المملكة في المرتبة السادسة للدول الأكثر أماناً بين وجهات السفر العالمية، وفقاً لموقع «ويقو ترافيل»، مما يعكس وعيًا شعبيًا، وثقافة عامة، أسهمت في بثّها ونشرها وسائل الإعلام بالتعاون مع الجهات المختصة؛ بالتوعية والتوجيه أولاً، ثم بالتطبيق للتباعد والالتزام بفعل الأسباب، ثم بالمتابعة والمحاسبة لمن يخلّ بشيء من ذلك، وأخيراً بتوفير الرعاية الصحية لمن احتاجها، كل ذلك أسهم بشكل مباشر في انخفاض ملموس للإصابات ومحاصرة الفايروس.
وما كان ذلك ليتم لولا توفيق الله وفضله، ثم توجيه وبذل ولاة الأمر وفقهم الله، الذين لم يألوا جهدًا في حثّ كل مسؤول على القيام بدوره وأداء مهامه.
إن هذه المنظومة المتكاملة في إدارة الأزمة، تعزف نغمًا يأسر القلوب ويُطرب الآذان، إننا بحاجة لاستشعار ذلك الحرص الحكومي على رعاية المواطن والمقيم، والتكاتف مع الجهات المسؤولة، بالالتزام بالتوجيهات العامة والامتثال لإرشادات الجهات المختصة، لنبقى ـ ونحن كذلك ـ في مصاف الدول الرائدة والمتقدمة، ويبقى لنا أهلنا ومن نحب، وحينها سنستعذب طربَ زامرنا، ونشنّف به مسامعنا.
أ. د. حمود بن إبراهيم السلامة
كلية التربية
إضافة تعليق جديد