نحو هيكلة المسؤولية الاجتماعية للجامعات

 

 

تمثل الجامعات واسطة العقد الاجتماعي في المجتمع، فهي من ناحية بيت المجتمع الذي يتعلم فيه مختلف الأفراد والفئات ما يحتاجون إليه ليكونوا أعضاء صالحين في المجتمع، ومن ناحية أخرى تمارس الجامعات دورا مؤسسيا رائدا، كإحدى المؤسسات المجتمعية، في علاقة وشراكة وارتباط مع مختلف المؤسسات والجهات المجتمعية.

لا تمثل الجامعات مجرد مؤسسات تعليمية، ولكنها مؤسسات مجتمعية، تتفاعل مع احتياجات المجتمع، وقضاياه التنموية، ومتطلباته، ومشكلاته، وتضطلع بدور أكبر في إيجاد حلول لمختلف المشكلات التي يواجهها، ولا أدل على ذلك من الدور الرائد الذي قامت به الجامعات أثناء جائحة كورونا، وتسخير كافة إمكاناتها وكوادرها البشرية في مواجهة الجائحة، والسعي في إيجاد حلول على المستوى الصحي والتعليمي والاجتماعي.

وهذا يضاعف من العبء تجاه منسوبي الجامعات، لذلك من المهم التحول الجذري في بناء العلاقات الاستراتيجية مع مختلف المستفيدين في المجتمع، داخليا وخارجيا، فالجامعات لا تقدم تعليما فقط، ولكنها تقدم حلولا لاحتياجات المجتمع، واحتياج مؤسسات المجتمع، وحتى يتحقق ذلك فثمة حاجة ملحة لأن تنعكس هذه الرؤية في مختلف مفردات المنهج، والإجراءات، والقرارات، والأخلاقيات والقيم، وثقافة منسوبي الجامعة وطلابها، وبرامج الكليات والأقسام، وأنشطة المراكز البحثية، ومختلف المراكز الجامعية، والمستشفيات الجامعية.

بقدر اتخاذ الجامعة خطوات ومبادرات فعالة في مسؤوليتها الاجتماعية، فإنها تحظى في المقابل بسمعة إيجابية، تضمن دعم جميع أفراد المجتمع لأهداف الجامعة ورسالتها التنموية، وجذب الكوادر المتميزة، ورفع القدرات التنافسية للجامعة، وتحسين مناخ العمل على مستوى العاملين في الجامعة، وتحسين نوعية الخدمات المقدمة للمجتمع، والشراكة مع القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وغير ذلك من مزايا اجتماعية مختلفة.

هناك خطوات ملموسة اتخذتها وزارة التعليم، والجامعات السعودية في المسؤولية الاجتماعية، ولدى بعض الجامعات إدارة خاصة للمسؤولية الاجتماعية، ولكننا بحاجة إلى مأسسة هذه الخطوات، ضمن خطة الجامعة، وتخصيص إدارة مستقلة معنية بهذا الشأن، وإيجاد هيكل تنظيمي خاص بها، وتطوير ثقافة طلاب ومنسوبي وأعضاء الجامعة، ومواءمة أنشطتها مجتمعيا، ومراعاة التوجهات الوطنية.

مثل هذه المأسسة للمسؤولية الاجتماعية للجامعات تلبي تطلعات المواطنين للمستقبل، وتكون متوائمة مع رؤية 2030، في تحقيق مختلف برامجها التنموية، بما يضمن تحقيق تنمية مجتمعية مستدامة.

 

د. عادل عبدالقادر المكينزي

قسم الإعلام

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA