يعد العلاج المثلي أو العلاج المتجانس أحد فروع الطب التكاملي، وتعتمد فكرته على مبدأ «الدواء من جنس الداء»، وهو مبدأ «أبقراط» في الطب، وقد استخدمه الأطباء في أوروبا وكندا وغيرها في العلاج.
يعمل العلاج المثلي على تقوية المناعة الطبيعية للإنسان، فتزداد قدرته على مقاومة الأمراض بتحفيز قوى الشفاء الداخلية، فعند إصابة الإنسان بمرض ما، يتم علاجه بتناول مسببات المرض من المواد الحيوانية أو النباتية أو الجرثومية أو المعدنية، هذه المواد تخفف بالماء في شكل جرعات صيدلانية، فتعزز الجهاز المناعي ويتحقق الشفاء.
وتتشابه آلية العلاج المثلي بالأمصال واللقاحات في الطب الحديث، وفيه يتم تناول كميات ضئيلة من الميكروب الميت أو الموهن أو أحد منتجاته لمنع الإصابة بالأمراض الوبائية.
ومنذ أن اجتاح العالم فيروس كورونا، بدأ العلماء في شركات الأدوية والمراكز البحثية في البحث عن العلاج الفعال للقضاء على جائحة كورونا.
وقد بدأ علاج كورونا باستخدام بعض الأدوية مثل مضادات الفيروسات وغيرها، كما استخدمت الأمصال من دم المتعافين في العلاج، وفي الفترة الأخيرة تم إنتاج اللقاحات للوقاية من كورونا، ولكن الأدوية التي استخدمت لعلاج كورونا غير متخصصة ومصرح بها من هيئات الدواء العالمية لعلاج أمراض أخرى، ولكنها أثبتت بعض الفعالية العلاجية ضد فيروس كورونا، وبعد ذلك تم التوجه إلى الأمصال المستخلصة من دم المرضى المتعافين من كورونا في العلاج، وتحتوي على الأجسام المضادة للمرض، ولكنها قد لا تشكل منظومة دفاعية استباقية.
تعمل الأمصال على تشكيل مناعة قصيرة المدى، وقد لا تمنع انتشار الوباء، لذا تستخدم لتحقيق الوقاية السريعة من الوباء، وقد تستخدم بديلا عن الأدوية.
وتمتاز الأمصال بسرعة إنتاجها واستخدامها في العلاج، بينما إنتاج الأدوية واللقاحات يستغرق مراحل عدة ووقتا أطول. أما اللقاحات فتعمل على تشكيل منظومة مناعية استباقية ضد الميكروبات، فتمنع حدوث الإصابة بالأمراض بتحفيز الجهاز المناعي لإنتاج أجسام مضادة استباقية لصد الميكروبات.
لذا يعد إنتاج اللقاحات الحل الواعد للقضاء على الأوبئة مثل كورونا وغيره من الفيروسات، وقد أثبتت اللقاحات فاعليتها في القضاء على العديد من الأمراض الفتاكة مثل الحصبة وشلل الأطفال والكزاز والدفتيريا والالتهاب السحائي والأنفلونزا والتيفود وسرطان عنق الرحم وغيرها.
ويستغرق اللقاح من 10 إلى 15 يوماً ليحفز الجسم على إنتاج الأجسام المضادة، وقد تستمر الأجسام المضادة لفترة طويلة في الجسم تصل لعام أو ثلاثة أعوام أو طوال العمر.
وقديما كان يتم تحضير اللقاحات من الجراثيم المسببة للمرض الموهونة أو الميتة أو أجزاء منها أو المواد الكيميائية المستخلصة منها، يتم معالجتها بحيث تكون غير قادرة على تحقيق الإصابة بالمرض، وكانت تحتاج اللقاحات إلى مراحل عديدة، ويستغرق إنتاجها الكثير من الوقت والجهد.
وفي أزمة كورونا أدى استخدام التقنيات الحيوية الحديثة إلى حدوث طفرة في إنتاج اللقاحات، فتم استخدام تقنية mRNA وغيرها في إنتاج اللقاحات، وهذه التقنية توجه خلايا الجسم لتصنيع البروتينات اللازمة مثل مستضدات الجراثيم والفيروسات مثل كورونا وغيره، بهدف تحفيز الجهاز المناعي لمنع دخول الفيروس لخلايا الجسم.
ومستقبلا قد تؤدي التقنيات الطبية المستحدثة لإنتاج اللقاحات ضد فيروس كورونا إلى حدث ثورة في عالم الطب، ليس في علاج الأوبئة فقط، ولكن في مجالات العلاج الأخرى مثل الأمراض الوراثية والسمنة والسكري ومكافحة الأورام السرطانية وغيرها من الأمراض مستحيلة العلاج، وقد يصبح علاجها حقيقة في المستقبل القريب، بعد أن كان قديما يعد دربا من الخيال.
ولا داعي للخوف والهلع فإن عملية التحور عملية اعتيادية في عالم الفيروسات، ولا تؤثر على ضراوة كورونا بل قد يزيد من انتشاره فقط، وقد يحدث التحور خللاً في الفيروس يؤدي إلى اضمحلال كورونا بمرور الوقت، ولا يكون قادرا على مقاومة اللقاحات، وبنجاح هذه التقنيات الواعدة لن يكون هناك وبائيات مستقبلية، وإذا حدث ففي غضون شهور قليلة سيتم إنتاج اللقاحات بإذن الله.
أ. د. جمال الدين إبراهيم هريسه
أستاذ الكيمياء الحيوية والتوجيه الدوائي
كلية الصيدلة
إضافة تعليق جديد