لا تراسل أستاذك

يُحسن كثير من أساتذة الجامعات توظيف وسائل التقنية الحديثة في عملية التعليم والتعلم مع تلاميذهم، وقد ازدادت الحاجة إلى هذا التوظيف في ظل ظروف جائحة العصر كورونا 19، ومع كون البريد الإلكتروني الرسمي هو الوسيلة المعتمدة للتواصل بين الأستاذ والطالب؛ إلا أنه ربما استحسن الطرفان «الأستاذ والتلميذ» التواصلَ السريع من خلال برامج المحادثات المكتوبة؛ كبرنامج «واتساب» أو «تيليقرام» ومؤخراً برنامج «سيقنال».

ومع تحية الإجلال وعبارات الثناء المستحقة لذلك الأستاذ الذي اقتطع جزءًا من وقته الخاص للتواصل مع تلاميذه عبر تلك الوسائل، وحَرِص أن يكون قريبًا منهم، ومع التأكيد على الطلبة باستشعار ذلك البذل، وضرورة اقتناص تلك الفرص وتوظيفها في الاستفادة القصوى من علم الأستاذ وخبرته وتجربته؛ إلا أني أنصح أحبتي الطلبة بتجنب مناقشة الخلاف أو ما يظهر منه سوء فهم مع الأستاذ عبر برامج المحادثات المكتوبة.

لقد علمتني الحياة أن الجدال وما يسبقه من نقاش وما يؤول إليه من خصام، بحاجة في كثير من الأحيان لحضور الأرواح، ونبرات الصوت، وتعابير الوجه ـ لا سيما عند اختلاف وجهات النظر ـ فالأقلام ـ ومثلها لوحات المفاتيح ـ لا أرواح لها، فكم من نقاش مكتوب تحول سريعًا إلى جدال، وكم من جدال انتهى بخصام ومجافاة، ولربما لو كان ذلك النقاش في لقاء مباشر أو عبر مكالمة هاتفية؛ لما آل إلى تلك النهاية!

ألست ترى ـ عزيزي الطالب ـ أنك تضطر في أحيان كثيرة من محادثاتك المكتوبة إلى استخدام صورة رمزية لوجه باسم، أو وردة حمراء مفعمة بالحب، وأخرى بيضاء تحمل معنى النقاء وطهارة القلب! كل ذلك لتخفف عبارة، وتلطف جوًا محمومًا، لمعنى لم تقصده، أو مقصود لم يُفهم. 

نعم، في الكتابة فرصة المراجعة والتدقيق قبل الإرسال، لكنها حتمًا لا تمتلك الروح التي تحملها بين جنباتك، وتنعكس آثارها على حواسك أثناء نقاشاتك.

فنصيحتي لنفسي وإخواني وأخواتي من الطلبة عند اختلاف وجهات النظر مع أساتذتهم، أن يحرصوا على معالجة ذلك إما بلقاء أو اتصال هاتفي يتسع فيه المقام للبيان والإيضاح، وتحضر فيه ومعه تعابير الوجه ونبرات الصوت، فتتقارب الأرواح، ويزول الخلاف، فإن ذلك أدعى للمقصود.

أ.د. حمود بن إبراهيم السلامة

رئيس تحرير مجلة الدراسات الإسلامية بكلية التربية