مصفوفة المهارات الوطنية «تصور مقترح»

 

 

لا شك أن المهارات التى يجب أن يصقل بها المتعلم علمًا وعملًا، تُعد هدفًا أصيلًا لنواتج التعلم من المؤسسات التعليمية، الأمر الذي يتطلب مراجعة مصفوفة القيم والمهارات بصورة دورية ومنتظمة وتحديثها للتأكد من ملاءمتها ومواكبتها للجديد والحديث في الممارسات الحياتية وفقًا لمتطلبات العصر.

وقد انطلقت العديد من الرؤى والأفكار لتحديد وتحديث مهارات القرن الحادي والعشرين ومنها: أولًا: مهارات التعلم والإبداع الناقد والاتصال؛ ثانيًا: مهارات الثقافة الرقمية، والتى تشمل الثقافة المعلوماتية، والثقافة الإعلامية، وثقافة تقنية المعلومات والاتصال؛ ثالثًا: مهارات الحياة والعمل، والتى تشمل المرونة، والتكيف، والمبادرة والتوجيه الذاتي، والتفاعل الاجتماعي، والتفاعل متعدد الثقافات، والإنتاجية، والمساءلة والقيادة، والمسؤولية.

فكل مهارة من تلك المهارات تحتاج إلى توصيف دقيق ومفصل يستطيع سرد مؤشرات ومراحل هذه المهارة، وبالتالي يتم تقسيم المهارة الواحدة إلى عدة مستويات يرتبط كل مستوى منها بمرحلة تعليمية محددة، بل يحدد المستوى المطلوب تحقيقه في كل صف دراسي، وبالتالي يتم توزيعه على الوحدات الدراسية بحيث تعطى مجتمعة مستوى المهارة المطلوب للصف الدراسي ثم المرحلة الدراسية، ومن ثم مستوى المهارات المطلوب تحقيقها في المجال التعليمي أو التخصص الأكاديمي بحيث يتم وضع فواصل واضحة بين تلك المستويات تظهر في صورة مؤشرات إتقان ممارسة المهارة واقعيًا.

وبالتالي تضمن التدرج المعرفي المهاري وعدم التداخل بين المستويات المهارية، ويتطلب ذلك مراجعة محتوى المناهج التعليمية وما يحققه كل منهج من إكمال في مستوى المهارة أفقيًا ورأسيًا وفقًا لمتطلبات كل مرحلة عمرية وبما يتوافق مع خصائصها واحتياجاتها، وبالتالي التخلص من الحشو الزائد في بعض المناهج والمقررات، ومشاركة الجهات المستفيدة من المخرجات في تصميم المناهج.

ويتطلب هذا الأمر وجود كيان علمي متخصص يقوم بدراسة وتحليل مهارات القرن الحادي والعشرين وتحديد مستويات كل مهارة وطرق إكسابها في المؤسسات التعليمية بما يتوافق مع التطور السريع والمتلاحق في مجالات الحياة المتعددة والمهن، كما في العديد من الدول؛ فعلى سبيل المثال في أندونسيا تسمى «اللجنة الوطنية للتصديق على المهارات»، وفي كوريا توجد تحت مسمى «مجلس التخطيط الاقتصادي»، أما في ألمانيا فتوجد تحت مسمى «الهيئة الاتحادية» والتى تقوم بإصدار دليل لتصنيف المهن والمهارات بصورة مستمرة لتحديث المهن وتحديد مواصفاتها التى تبنى عليها البرامج التعليمية والتدريبية.

وعليه، كان هذا المقترح بإنشاء كيان مستقل لحصر وصياغة المهارات المطلوب إكسابها للمتعلمين؛ يقوم بتحديثها كل عامين أو ثلاث بمشاركة جهات أخرى ذات علاقة مباشرة أو غير مباشرة في سوق العمل والمجتمع المدني، ويتمثل هذا الكيان الجديد في الهيئة الوطنية للمهارات، تقوم بحصر المهن الحالية والمتوقع ظهورها خلال العشر سنوات القادمة، وتحديد مصفوفة المهارات لكل مهنة من تلك المهن أو الوظيفة؛ يشارك فيها الجهات المستفيدة من المخرجات التعليمية وهندسة توزيعها وتطبيقها على المراحل التعليمية؛ مسترشدة بالخبرات المحلية والعالمية في هذا المجال.

 

د. الدسوقي على بُرُل

قسم مهارات تطوير الذات

عمادة السنة الأولى المشتركة

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA