في العديد من الجامعات المحلية يتم تدريس البحث العلمي لمرحلة البكالوريوس كمقرر دراسي في مختلف التخصصات الجامعية، سواء النظرية أو العلمية، إما كمشروع تخرج أو بحث تخرج.
وفي التخصصات النظرية، يُدرَج مشروع التخرج كمقرر إلى جانب مقررات نظرية أخرى في ذات المستوى الدراسي، ليعمل الطالب على اجتياز البحث كبقية المقررات بهدف إنهاء متطلبات التخرج فقط.
وهذا لا يأتي بمردود إيجابي على الطالب من الناحية البحثية؛ إذ إن البحث العلمي باختلاف مسمياته هو مهارة يكتسبها الطالب وليس مقرراً للاجتياز فقط، ويجب التعامل مع البحث العلمي كمهارة مكتسبة وليس كمقرر للاجتياز.
يمكن تقسيم البناء الهيكلي للبحث - بدءاً من المقدمة وانتهاء بالخاتمة - إلى ثمانية فصول، وتوزيعها على 8 مستويات دراسية «4 سنوات» مدة كل مستوى دراسي 15 أسبوعاً، يتناول خلاله الطالب فصلاً من فصول البحث العلمي بالتفصيل والتدرب على تطبيقه خلال المستوى الدراسي، وهكذا بالتدرج حتى نهاية المستوى الثامن.
وعند إنهاء الطالب لمرحلة البكالوريوس، يتخرج بدرجة «باحث متمكن» لديه المعرفة بأبجديات البحث العلمي والمهارة في الكتابة الأكاديمية.
وفي حال مواصلة الماجستير لن يحتاج الطالب لتعلم أساسيات الكتابة الأكاديمية؛ إذ سبق له التدرب عليها في مرحلة البكالوريوس، فيتبقى لديه اختيار موضوع دقيق ثم التعمق فيه لإنهاء الرسالة، ومن ثم اجتياز الماجستير بدرجة «باحث متقدم».
إذ إن إنهاء الطالب لمتطلبات البكالوريوس واجتيازه البرنامج بنجاح يعني من حيث المبدأ، أنه مؤهل لمرحلة الدراسات العليا والتي تتطلب إلمام الطالب بأبجديات البحث العلمي والكتابة الأكاديمية.
وللمواءمة بين البحث والمقررات النظرية الأخرى؛ ففي التخصصات الإدارية – كنموذج للتخصصات النظرية - يمكن توفير الوقت الكافي أثناء المستوى الدراسي للتدريب على البحث العلمي وإعداد طلاب البكالوريوس كباحثين، من خلال التركيز على الجوانب التطبيقية في المقررات النظرية الأخرى، بدلاً من النظريات الفلسفية في تلك المقررات دون أي تركيز مهني أو تطبيقي!
ويمكن تحقيق ذلك من خلال عدة خطوات «مجتمعة أو متدرجة»:
- استخلاص الجوانب التطبيقية في كل مقرر نظري ومن ثم تقليص محتوى المقرر إلى النصف.
- تحويل قاعة المحاضرات إلى ورشة عمل يقوم فيها المحاضر بدور الموجه والمشرف من خلال إدارة الجلسة والتقييم، ويترك للطلاب إدارة المحتوى «الكل يشارك».
- تنويع أنماط التعليم والتدريب من خلال تبادل الأدوار بإعطاء كل طالب دور المناقش لزملائه وقيادة حلقة النقاش، وإجراء جلسات العصف الذهني من خلال مناقشة حالات تطبيقية معاصرة في المجال الإداري.
- تحفيز الطلاب لاستخدام دوائر المعلومات في المكتبة المركزية بالجامعة أو خارجها في البحث عن المراجع واختيار الأنسب منها للبحث.
- استبدال الاختبار النظري لكل مقرر بالتدريب العملي في نهاية المستوى الدراسي، على أن تشمل عناصر التقييم ما تعلمه الطالب من مهارات إدارية خلال المستوى الدراسي، إذ إن تزامن التدريب مع التعليم يساعد على ترسيخ المعرفة لدى الطالب.
كما يمكن الاستفادة من فكرة معهد الإدارة العامة كنموذج ناجح وتطبيقه داخل الجامعات في التخصصات الإدارية، ومعالجة أي معوقات أو تحديات تحول دون تطبيق التدريب أثناء الدراسة الجامعية.
ختاماً، ومع ظهور مفهوم اقتصاد المعرفة القائم على البحوث والدراسات، وأثره في التنمية الإدارية بالإضافة إلى الجدارة المهنية كعنصر مفاضلة في سوق العمل، تظهر أهمية تأهيل خريجي البكالوريوس كباحثين وممارسين في المجال الإداري.
مجدي بن محمد العطاس
بكالوريوس إدارة عامة
جامعة الملك عبدالعزيز
إضافة تعليق جديد