يلعب الكولسترول دوراً محورياً في بناء أغشية خلايا الجسم، خاصة خلايا المخ الذي يحتوي على 25% من الكولسترول الموجود في الجسم كما يعد الكولسترول ضروريا لإنتاج بعض الهرمونات مثل البروجسترون والإستروجين والكورتيزول والتستوستيرون، وهذه الهرمونات تتحكم في ضغط الدم ووظائف الكلى والتكاثر وغيرها من الوظائف الحيوية.
كما يعد الكولسترول ضروريا لإنتاج فيتامين «د» وأملاح الصفراء الضرورية لوظائف الجهاز الهضمي، وهضم وامتصاص الدهون الضرورية وفيتامينات «ADEK»، ويرتبط انخفاض الكولسترول باضطرابات الجهاز الهضمي وسوء التغذية والإصابة بالأمراض العصبية، وحينئذ يصبح تناول الأطعمة الغنية بالكولسترول مثل الكبد وصفار البيض والروبيان والحليب كامل الدسم جزءا من علاج هذه الأمراض.
الكولسترول مادة دهنية ينتجها الكبد بنسبة 80% من المواد النشوية، بينما 20% المتبقية يحصل عليها الإنسان من الغذاء، وحيث إنه مادة دهنية فإنه ينتقل في الدم بواسطة البروتينات الدهنية «Lipoproteins»، وهي تنقسم إلى بروتينات دهنية عالية الكثافة، وبروتينات دهنية منخفضة الكثافة.
البروتينات الدهنية عالية الكثافة تعرف بالكولسترول المفيد «HDL» وتنتقل إلى الكبد لتحويلها إلى أملاح الصفراء الضرورية لوظائف الجهاز الهضمي، بينما البروتينات الدهنية المنخفضة الكثافة «LDL» تعرف بـ«الكولسترول الضار» وتساعد في نقل المواد الدهنية الضرورية بين الكبد وأنسجة الجسم لتؤدي دورها الحيوي.
ارتفاع الكولسترول عن المعدلات الطبيعية مع وجود التهابات، هو الذي يسبب مشاكل صحية، لذلك لا يوجد كولسترول مفيد وآخر ضار، فقد أفادت دراسات شملت 70 ألف شخص، عدم وجود علاقة بين الكولسترول «المسمى بالضار» والوفاة بالسكتات القلبية والدماغية، كما أشارت هذه الدراسات إلى أن 92% من الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع الكولسترول يعيشون لفترة أطول ويتمتعون بذاكرة أفضل.
عندما تحدث الالتهابات يتم إرسال الكولسترول إلى الأوعية الدموية لإعادة بناء الخلايا، ثم يعود كل شيء إلى طبيعته، ولكن باستمرار الالتهابات، يتم إرسال المزيد من الكولسترول فيتراكم على جدران الأوعية الدموية، فتفقد وظائفها، ويقل إنتاج أكسيد النيتريك وغيره من المواد الضرورية لوظائف الأوعية الدموية، وتتكون التكلسات وانسداد الشرايين، فتحدث الإصابة بالسكتات القلبية والدماغية.
توجد أدوية للمساعدة على خفض مستويات الكولسترول والالتهابات مثل الستاتينات وإزيتمايب وحمض النيكوتينيك ومنحيات أحماض الصفراء والفايبرات، وحديثا تم إنتاج أجسام مضادَّة وحيدة النسيلة، ويوجد أدوية تحت الإنتاج باستخدام تقنية mRNA، وهذه الأدوية ليست فعالة بمفردها وتحتاج إلى نمط حياة صحي يحارب الالتهابات ومتلازمة الأيض المرتبطة بارتفاع مستويات المحركات الخلوية الالتهابية والالتهابات المزمنة.
ويمكن الاحتفاظ بمؤشر كتلة الجسم أقل من «25» بمراقبة السعرات وممارسة التمرينات الرياضية والامتناع عن التدخين والكحول، كما ينصح بتناول الأغذية والمشروبات التي تساعد على تسريع معدل الأيض واحتراق الدهون، والتقليل من النشويات والإكثار من الألياف مثل الحبوب الكاملة والفواكه والموالح والخضروات والبروتينات والدهون الصحية.
الأسماك مثلاً غذاء رائع، تحتوي على أحماض أوميغا 3 التي تساعد على فقدان الدهون وتخفّض «الكورتيزون»، وتعطي شعورا بالشبع لغناها بالبروتينات، وزيت جوز الهند يساعد على إنقاص الوزن لأنه يقمع الشهية ويعزز التمثيل الغذائي، فيحفز احتراق الدهون، كذلك خل التفاح يقلّل الشهية، وتناول الأفوكادو والزيتون وزيت االسلجم والمكسرات يحدث توازناً بين «أوميجا 3» و«أوميجا 6».
ويحتوي الفلفل الحار على الكابسيسين الذي يساعد على فقدان الوزن بتثبيط الشهية وزيادة استهلاك الأكسجين ورفع درجة حرارة الجسم، ما يؤدي إلى زيادة احتراق السعرات الحرارية المخزونة في الدهون.
كذلك تناول الثوم يقاوم الإجهاد التأكسدي والالتهابات ويخفض ضغط الدم والكولسترول والدهون الثلاثية والهوموسيستين الذي يسهم في تخثر الدم، كما يعمل الزنجبيل والكركم نفس الغرض، والشمندر غني بمواد البيتايين والنترات وفيتامين «ب» المركب، وهذه المواد تحفز إنتاج أكسيد النيتريك وتمنع الأكسدة والالتهابات وتساعد في خفض الكولسترول والشحوم الثلاثية والهوموسيستين، كل هذه الأغذية تساعد على توسيع وحماية الأوعية الدموية، وتقلل الأزمات القلبية والسكتات الدماغية، فيتمتع الإنسان بحياة أفضل وعمر أطول بمشيئة الله.
د. جمال الدين إبراهيم هريسه
أستاذ الكيمياء الحيوية والتوجيه الدوائي
كلية الصيدلة
إضافة تعليق جديد