مفاتيح التخلص من متلازمة «منتصف الطريق»

 

 

يجب أن يكون لكل إنسان أهداف يسعى إلى تحقيقها وتدفعه للإقبال على الحياة والنهوض من مرقده، فبدونها تكون الحياة مريرة، بينما بتحقيق الأهداف ينال الإنسان ما يصبو إليه من سعادة ورضا في الدنيا والآخرة.

ولكن رحلة تحقيق الأهداف ليست مفروشة بالورود، وقد يشعر الإنسان خلالها باليأس، لذا عليه التحلي بالصبر والمصابرة والاستمرارية والاجتهاد ومقاومة هوى النفس والاقتداء بالناجحين، حتى يتمكّن من الوصول إلى تحقيق أهدافه وبناء مجده.

قال الشاعر:

لا تحسبِ المجدَ تمرًا أنت آكِلُهُ

لن تبلغَ المجدَ حتى تلعقَ الصّبِرا

وخلال رحلة تحقيق الأهداف وبناء المجد، قد يصاب البعض بمتلازمة منتصف الطريق «Midway Syndrome»، وهي متلازمة بقاء الإنسان عند نقطة البداية أو في منتصف الطريق في رحلته نحو تحقيق أهدافه، وذلك نتيجة البدء بخطوات صعبة وبضغط عصبي لا تساعده على الاستمرار، وأحيانا يحسن الفرد البداية ولا يحسن التغلب على العقبات للوصول الى الهدف.

في كل مجالات الحياة لا يسلم الإنسان من متلازمة منتصف الطريق، ويوجد الكثير من البشر مصابون بهذه المتلازمة، ومن أمثلتها البدء في التعليم أو في تعلم مهنة معينة وعدم الوصول إلى الاحترافية، البدء في حفظ القرآن الكريم ثم التقاعس عن الختم والمراجعة، البدء في قراءة كتاب أو مقال وعدم التكملة حتى الانتهاء، الانتساب لتخصص دراسي معين ثم الانسحاب قبل النهاية، التسجيل في ناد رياضي ثم التوقف، البدء في حمية غذائية صحية لمدة معينة ثم العودة إلى العادات الغذائية الغير صحية، كذلك البدء في العلاج وعدم الاستمرار في تناول الدواء حتى الشفاء، إلى غير ذلك من أشكال متلازمة منتصف الطريق.

يعد عدم تحديد الأهداف بدقة، وعدم الاستمرار، وعدم الصبر، واليأس والوقوع في بحر الكسل والتواكل واختلاق الأعذار واستعجال النتائج والتوقّف قبل خط النهاية؛ هو القاسم المشترك الذي يربط بين المصابين بهذه المتلازمة.

ومفاتيح التغلب على هذه المتلازمة تتلخص في ثلاث كلمات «إسرار وإصرار وتكرار» وفالإسرار يكون بالتوكل على الله والاستعانة به واللجوء إليه والاستمداد منه، والإصرار يتمثل في عمل العقل من وضع الخطط وتحديد الأهداف ومعرفة المتاح وتسخير الأدوات، أما التكرار فهو عمل الجوارح من تكرار محاولة الخطأ والصواب، وخطأ يمحوه صواب، وصواب لا يمنع من خطأ، ثم التحدي حتى بلوغ القمة.

كما يجب التعود على بلوغ القمة لأن ذلك يعزز هرمونات الدوبامين والسيروتونين وغيرها من هرمونات السعادة، فينتج عن ذلك إدمان النجاح والتفوق وبلوغ القمة. كما أن بلوغ القمة يتطلب أن يتمتع الانسان بصحة جيدة، والالتزام بنمط حياة صحي، وتنظيم الساعة البيولوجية، وعلو الهمة والإيجابية. كما يجب تحفيز العقل ورفع الروح المعنوية، والمحافظة على الصلوات والأذكار والدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن.

كل ذلك يساعد على التخلص من متلازمة منتصف الطريق وتحقيق الأهداف بإذن الله، فلن يجد الإنسان الغايات ملقاة على الأرض، ويستحيل أن يشتريها من الأسواق، قال الله تعالى ‭}‬َوالِذينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا، وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ‭{‬.

د. جمال الدين إبراهيم هريسة

أستاذ الكيمياء الحيوية والتوجيه الدوائي

كلية الصيدلة

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA