منذ انطلاق الثورة الصناعية أصبحت الصحة العامة للبيئة مهددة، فقد ازداد التلوث البيئي وأنتشر في الأرض ويزداد يوما بعد يوم، فظهرت أمراض جديدة، وأصبحت حياة الانسان في خطر، وهي نتيجة حتمية لما حدث في البيئة لأن الإنسان هو إبن بيئته فما يحدث فيها تظهر نتائجها عليه، كما أن الحيوانات باتت مهددة فمنها ما انقرض وانعدم حضوره في عالم الحيوانات ومنها ماهو على شفا حفرة الانقراض.
حيث أن الطمع الذي سكن عقول رواد الثورة الصناعية لم يكن ضمن حساباتهم أن يحافظوا على صحة الإنسان أو الحيوان حينما شرعوا في بناء مصانعهم وجلب مواردها من البيئة كقطعهم للأشجاروذلك بغية تحقيق الربح المادي لا المحافظة على الصحة العامة.
كذلك الإنسان المهمل الذي يلقي نفاياته في الحدائق والصحاري والبحاري وغيرها من الأماكن دون أن يساهم في المحافظة على البيئة، ولم تأبى نفسه أن يدع المكان نظيف كما جاء اليه، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (دع المكان كما كان او أفضل مما كان).
وفي القرآن الكريم يوجد العديد من الآيات المتعلقة بالتلوث البيئي ومن ذلك قوله تعالى: (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) وقوله تعالى: ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) .
وطبقًا لعلماء الشريعة الإسلامية وأحكامها فإن كلمة «الفساد» تشمل التلوث والتغيرات المناخية والتصحر فالآية أوضحت أن الإنسان هو السبب وراء حدوث الأخطار البيئية، وحذرت الشريعة من فساد البيئة وتلوثها وأن من يفسد البيئة يعد إثما.
وعلى آثر ذلك بدا رجال القانون والفقهاء والساسة المشرعون على اجتهادهم في معالجة هذه القضية الخطيرة من الناحية القانونية ووضع حد لتلوث البيئي وذلك بإلقاء مجموعة التزامات على الفرد والدولة حماية للبيئة التي نعيش فيها.
فعلى مستوى القانون الدولي صدرت عدة معاهدات تتعلق بالبيئة ومن أهمها الاتفاقية الدولية للاستعداد والتصدي والتعاون في ميدان التلوث الزيتي لعام 1990م، واتفاقية التنوع البيولوجي، وبروتوكول قرطاجنة للسلامة الإحيائية التابع للاتفاقية، بالإضافة إلى اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها. وكذلك بروتوكول كيوتو والذي يهدف الى خفض الانبعاثات الغازية، ثم جائت اتفاقية باريس والتي تضم اكثر من ١٩٥ دولة بمافيها السعودية وتعد هذه المعاهدة حديثة عهد ومهمة في الوقت ذاته حيث أن الهدف من الاتفاقية هو الوصول إلى تثبيت تركيزات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستوي يسمح للنظام البيئي بأن يتكيف بصورة طبيعية مع تغير المناخ وبالتالي حماية الإنسان من خطر يصل إلى النقص في الغذاء والماء، والسماح بالمضي قدمًا في إيجاد وخلق سبل للتنمية الاقتصادية علي النحو المستدام .
وعلى الصعيد الداخلي وطبقا للأنظمة المطبقة داخل السعودية، جاء في النظام الأساسي للحكم حيث نصت المادة 32 على «أن تعمل الدولة على المحافظة على البيئة وحمايتها وتطويرها ومنع التلوث عنها» كما تضمن قرار مجلس الوزراء قرار (142) بتاريخ 1413/11/19 استراتيجية الدولة تجاه البيئة حيث تضمن الأساس الاستراتيجي العاشر بخطة التنمية السادسة ( 5141-1420هـ) أهمية المحافظة على البيئة وحمايتها وتطويرها ومنع التلوث عنها، من خلال حماية البيئة وأنظمتها والمحافظة على خصائصها الطبيعية وتطويرها وتحقيق التوازن الأمثل بين التنمية والبيئة وقاعدة الموارد الطبيعية. ومن الأنظمة التي أصدرتها الدولة ولها ارتباط مباشر بحماية البيئة؛ وهو النظام العام للبيئة لحماية الحياة الفطرية من التلوث، فخلال مساعي المنظم في حراكه. لتنظيمات البيئية من اصدار والغاء حتى أصدر نظامه الأخير المتعلق بالبيئة، وكذلك نظام التنظيم الصناعي الموحد لدول مجلس التعاون الخليجي ونظام الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون الخليجي الذي أقرته السعودية وأصبح نظاما داخليا.
وانطلاق مبادرة السعودية الخضراء الذي أعلن عنه الأمير محمد بن سلمان كان متناسقا مع الأنظمة وقرارات مجلس الوزراء بشآن السياسة العامة للبيئة التي ذكرت في ما سبق، حيث ذكر سموه « زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة العربية السعودية خلال العقود القادمة، ما يعادل إعادة تأهيل حوالي 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، ما يعني زيادة في المساحة المغطاة بالأشجار الحالية إلى 12 ضعفاً، تمثل اسهام المملكة بأكثر من 4% في تحقيق مستهدفات المبادرة العالمية للحد من تدهور الأراضي والموائل الفطرية، و1% من المستهدف العالمي لزراعة ترليون شجرة . وكذلك مبادرة الشرق الأوسط الأخضر الذي يهدف لزيادة التشجير لدول الشرق الأوسط.
ختاما علينا أن ندرك أننا نعيش في كوكب واحد ولا يوجد كوكب اخر سوف نهرب إليه عندما يتلوث كوكب الأرض، لذلك علينا أن نلتزم بالأنظمة وعدم مخالفتها حتى نحمي البيئة التي نعيش فيها وهي مصلحة للفرد والمجتمع وغاية المنظم.
فهد بن مطلق القباني
إضافة تعليق جديد