الشارع، حينما كان صديقا؟

زاوية: عمرانيات

كان الشارع في الأحياء القديمة امتدادا عضويا وطبيعيا للمنزل، إذ كانت بعض النشاطات تمارس في الشارع بشكل تلقائي. ونظراً لكون الناس في البيئات التقليدية يتمتعون بدرجة عالية من المألوفية، وكان وجود الغرباء قليلا جدا، فقد صار الشارع مكانا آمنا بدرجة عالية للأطفال والنساء.

كان من الطبيعي أن يلتقي كبار السن في ساعات الصباح، ولاسيما في وقت الشتاء، فيما يعرف بالمشراق. وهو مكان يدل اسمه على أنه موجه نحو الشرق، حيث يكون مشمسا ودافئا، فيناسب كبار السن الذين يلتقون لتبادل الأحاديث في مكان قريب من منازلهم.

الأطفال الصغار كانوا يجدون في شوارع السد (غير النافذة) بغيتهم، حيث تجتمع النساء صباحا في الغالب لتبادل الأحاديث، وقت خروج الرجال للعمل سواء في الحقول الزراعية أو في المتاجر. مما يجعل القرية تقريبا خالية من الرجال. فكانت النساء تتمتع بخصوصية بصرية عالية في هذا المكان، ويخرج معهن الأطفال الصغار للعب تحت نظرهن.

أما الأطفال الأكبر سنا، فكانوا يساعدون الكبار في بعض الأعمال. ولكنهم في أوقات فراغهم يلتقون في الشارع ويلعبون بعض الألعاب الشعبية، خاصة قبل انتشار لعب كرة القدم في الشوارع الترابية.

في بعض المناطق، مثل المدينة المنورة، كانت توجد الأحواش التي تحيط بها المنازل. وكانت هذه الأحواش مكانا مثاليا لممارسة عديد من الأنشطة في وقت متزامن. فكان الكبار يجلسون في إحدى الزوايا، بينما تحتار النساء ركنا منزويا عن الأنظار ليجتمعن بعيدا عن مرأى الرجال. وبالطبع، كان الأطفال يلعبون بأريحية عالية مع أقرانهم في مكان شبه خاص لأسرهم.

د. محمد بن عبد العزيز الشريم

أستاذ العمارة والسلوك البيئي المشارك

كلية العمارة والتخطيط

mshraim@ksu.edu.sa

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA