تقاس كفاءة الإدارة الحضرية للمدن بمقدار ما تقدمه من إزداهار ورفاهية للمجتمعات، وهي ترتبط إرتباطاً وثيقاً بإداراتها لمنظومة العمران بشكل مستدام. وفي السابق كان يقتصر دور الإدارات المحلية للتخطيط والأجهزة الحكومية في غالبية الدول على أعداد المخططات وإدارة تنفيذها، وفى الوقت الراهن تطور مفهوم ودور الإدارات المحلية والأجهزة الحكومية لتصبح قائداً لمنظومة التنمية، وميسراً ومفاوضاً من أجل تحقيق اكبر قدر من المكتسبات وتعزيز مفهوم شركاء التنمية.
وبوجه عام فقد تطورت مفاهيم الإدارة الحضرية المعاصرة، حيث أضيفت أدوار أكثر عمقاً للأجهزة الإدارية التخطيطية تدعم مفاهيم الإستدامة، ومن بينها: تفعيل دور المشاركة المجتمعية، وتحقيق جودة الحياة، والتنمية المستدامة، والاعتماد أكثر على البلديات والإدارات المحلية، كذلك تعزيز دور الشراكة الواعية بين القطاع الخاص والأجهزة البلدية.... هذه الاعتبارات والمستجدات فرضت إطاراً عاماً وضرورة لتوسيع دور وصلاحيات الإدارات المحلية من أجل الارتقاء بالمدن وإزدهارها.
ويلزم التأكيد على أن المدن تزدهر من خلال منظومة متكاملة ومستدامة... تتحدد من خلالها أدوار «تخطيطية وتشريعية وتمويلية وتنفيذية» وهذه الاطراف تشكل منظومة الإدارة العمرانية الحديثة وترسم مستقبل المجتمع. ومع تزايد أعداد السكان في المدن السعودية والرؤى العصرية الطموحة للتنمية، وبروز مبادرات ومشروعات كبرى، ورغبة الإدارات الحكومية في تنمية تحسين جودة الحياة بها، فإنه يلزم توسيع نطاق الصلاحيات والمسؤليات للأجهزة الحكومية المحلية لتواكب التطورات العالمية واللحاق بالطموحات المستهدفة للمملكة السعودية.
ومن أهم مميزات توزيع المسؤليات هو مساعدة الدولة في السيطرة على العمران وتطويره وتحسين مستواه، حيث أن الاجهزة المحلية تعد الاقرب لفهم طبيعة التطوير والتحسين (في نطاق جغرافي محدود نسبياً)، وإدارة الامكانات والمقومات وتخفيف العبء الإداري على الإدارات المركزية لكى تولي إهتمام أكبر بالمراقبة والمتابعة والمراجعة وتعديل المسار، وكذا انفاذ القانون والحوكمة، بالإضافة إلى صياغة ومتابعة سياسات التطوير بشكل أكثر كفاءة.
الخلاصة: من أساسيات الإدارة الحضرية المستدامة والمعاصرة هو دعم التوجه نحو توسيع صلاحيات ومسؤليات الإدارات المحلية بطريقة مدروسة ورشيدة دون الاخلال باشراف عام جاد ومنظم للإدارات المركزية... هي ضرورة تفرضها طموحات إزدهار المدن، وهذه الرؤية تتوافق إلى حد كبير من تطلعات وطموحات المملكة السعودية .... من أجل مستقبل واعد ومزدهر تنعم فيه المدن السعودية بجودة الحياة بإذن الله.
أ.د. أسامة سعد خليل
أستاذ التخطيط العمراني والإقليمي
كلية العمارة والتخطيط
إضافة تعليق جديد